شهر رفع الأعمال والاستعداد لشهر رمضان

كتبت: دعاء سيد

شهر شعبان يُعتبر من الشهور المميزة في السنة الهجرية، فهو يحمل مكانة خاصة بين الأشهر الحُرم ورمضان ويزخر بالبركات والطاعات التيّ تُعد المسلم للتقرب من اللِّه -عز وجل-، إنّه ليس مجرد شهر يسبق رمضان؛ بل هو محطة إيمانية عظيمة تُمهد للنفس والروح استقبال الشهر الكريم بصفاءٍ ونقاء.

أحد أعظم فضائل شهر شعبان هو أنّه الوقت الذي تُرفع فيه أعمال العباد إلى اللِّه -عز وجل-، وقد أوضح النبيُّ (ﷺ) ذلك في الحديث الذي رواه أُسامة بن زيد -رضى اللُّه عنه- قال:”ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ” (رواه النسائي)، وهذا الحديث يُبرز كيف كان النبيُّ (ﷺ) يستثمر هذا الشهر في الصيام والطاعة؛ ليكون عمله مرفوعًا إلى اللِّه -سبحانه وتعالى- في أفضل حال.

ومن أهم الليالي المباركة في شهر شعبان هي ليلة النصف منه، إذ إنّها ليلة يغفر اللُّه -سبحانه وتعالى- فيها لجميع عباده إلا للمشرك أو المشاحن، ورد عن النبيِّ (ﷺ) قوله:”إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ” (رواه ابن ماجه)،
لهذا يجب على كلِّ مسلمٍ أن يُراجع نفسه ويتجنب المشاحنة والخلافات، ويُخلص قلبه للِّه -عز وجل- لينال المغفرة في هذه الليلة العظيمة.

شهر شعبان يُمثل مرحلة تحضيرية لشهر رمضان الكريم، ففيه تعويد للنفس على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، يقول اللُّه -عز وجل-:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31)، إنّ التوبة الصادقة مع الاجتهاد في الصلاة والصيام، تُهيئ المسلم لاستقبال شهر الطاعات برحمة وخير وفلاح.

السيدة عائشة -رضى اللُّه عنها- كانت تصف حرص النبيَّ (ﷺ) على صيام شعبان بقولها- رضى اللُّه عنها-:”ما رأيتُ رسول الله (ﷺ) استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيتُه في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان” (رواه البخاري ومسلم)، فالصيام في شعبان يُعد فرصة لتعويد النفس على الصيام قبل رمضان وزيادة الأجر والقرب من اللِّه -سبحانه وتعالى-.

يجب الاستثمار في شهر شعبان، كالإكثار من الصيام خاصةً في الأيام القمرية ويومي الإثنين والخميس، والدعاء والاستغفار لعلها تكون ساعة استجابة تُغير حياتك، وقراءة القرآن الكريم كوسيلة للتدبر والاستعداد لقراءة مكثفة في رمضان، وصلة الأرحام تحضيرًا لاستقبال الشهر الفضيل بقلبٍ نقي وعلاقات طيبة.

شهر شعبان ليس مجرد شهر عادي؛ بل هو موسم للطاعات ورفع الدرجات، وهو بوابة عظيمة إلى شهر رمضان الكريم، استغل هذا الشهر ليُرفع عملك وأنت في أفضل حال من الطاعة والإيمان، مصداقًا لقوله -تعالى-:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ}(البقرة: 110)، فلا تدع هذه الفرصة الذهبية تفوتك وابدأ اليوم في تحقيق أقصى استفادة من هذا الشهر العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *