إعداد وتحليل: الدكتور عبد المنعم السيد
مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية
سننقل لكم قراءنا الاعزاء خلال أجزاء لعده مقالات متتالية تقارير مختصره عن أهم ملامح وخطط الحكومة المصرية للوضع الاقتصادي بالبلاد وما تم اتخاذه من خطوات فى كافة المجالات الاقتصادية والتى يهتم بها المواطن المصري.
الجزء الأول…
شهد عام 2023 استمرار تبعات المشهد الدولي وتداعيات الأزمات الدولية المتعاقبة سواء جائحة فيروس كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية على أداء الاقتصاد العالمي والتجارة الخارجية وكذلك على أوضاع الاقتصاد المصري، حيث أدت تلك الأزمات إلى نقص ملحوظ في المعروض من مختلف السلع في الأسواق الدولية في ظل توقف وعدم انتظام سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب على ذلك من ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط والغاز الطبيعي والسلع الغذائية الاستراتيجية، مما فاقم من الضغوط التضخمية وفرض على كافة الدول اتخاذ العديد من الإجراءات والسياسات لامتصاص اثر هذه الصدمات.
وقد حرصت الدولة المصرية على المضي قدما في مسارات التنمية التي انتهجتها لتحقيق النمو الاحتوائي الشامل جنبا الى جانب مع سياسات إدارة الازمات واحتواء اثار الصدمات.
ومن ثم يمكن رصد الأداء الاقتصادي للجمهورية الجديدة خلال عام 2023 من خلال تحليل عناصر الرؤية التنموية للاقتصاد المصري وما تعرضت له من تحديث وتطوير، وتتبع تطور أداء أبرز المؤشرات الاقتصادية، في ضوء السياسات الكلية المتبعة وذلك على النحو التالي:
أولا: على صعيد التخطيط الاستراتيجي لمسارات التنمية
تمتلك مصر رؤية تنموية شاملة جسدتها استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” التي تعتبر أول استراتيجية يتم صياغتها وفقاً لمنهجية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والتخطيط بالمشاركة، حيث تم إعدادها بمشاركة مجتمعية واسعة راعت مرئيات المجتمع المدني والقطاع الخاص والوزارات والهيئات الحكومية، كما لاقت دعماً ومشاركة فعالة من شركاء التنمية الدوليين، الأمر الذي جعلها تتضمن أهدافاً شاملةً لكافة مرتكزات وقطاعات الدولة المصرية.
ومراعاة للتطورات المتلاحقة محليا ودوليا تم تحديث هذه الاستراتيجية بحيث يعكس الهدف الاستراتيجي “اقتصاد متنوع معرفي تنافسي” المنظور الاقتصادي لرؤية مصر 2030، وتعتمد النسخة الـمُحدّثة من هذه الرؤية على أربعة مبادئ أساسية وهي العدالة، الإتاحة للجميع، والـمرونة، والتكيّف للتعامُل مع الـمُستجِدّات الدولية السريعة.
وتتبلور أهمية هذه الـمبادئ في كونها الحاكمة لفاعليّات تنفيذ الأهداف الستة للاستراتيجية الوطنية لرؤية مصر 2030 الـمُحدّثة، والـمُمثلة في (الارتقاء بجودة حياة الـمُواطن وتحسين مُستوى معيشته، والعدالة الاجتماعيّة والـمُساواة، ونظام بيئي مُتكامل ومُستدام، واقتصاد مُتنوّع معرفي تنافُسي، وبنية تحتية مُتطوّرة، والحوكمة والشراكات).
ومن شأن تحقيق هذه الأهداف الحد من الفجوة النوعية، وتوفير الحماية الاجتماعية، وتحقيق الإدماج وتكافؤ الفرص، بجانب تعزيز التنمية الـمكانية والـمحلية الـمُتوازنة لسد الفجوات التنموية والتفاوتات الدخلية بين الأقاليم والـمناطق الجغرافية الـمُختلفة.
ثانيا: تطور أداء أبرز مؤشرات الاقتصاد المصري
– حقق الاقتصاد المصري نسبة نمو بلغ 3.8% في عام 2022/2023، ومتوقع أن يصل إلى 4.2% في عام 2023/2024، ومن المقدر أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 23/ 2024 إلى نحو 11,84 تريليون جنيه (بالأسعار الجارية) مقارنة بـ 9,8 تريليون جنيه قيمة الناتج المتوقع للعام (22/ 2023)، مسجلا نسبة نمو 4,1% (بالأسعار الثابتة).
– تجاوزت الاستثمارات الكلية حاجز التريليون جنيه لتبلغ في خطة العام المالي 2024/2023 نحو 1.65 تريليون جنيه، وذلك رغم الصعوبات التي واجهتها مصر نتيجة الأسباب والظروف العالمية.
ووفقا لأداء المؤشرات القطاعية من المتوقع تحقيق معدلات نمو مرتفعة في ناتج خمسة قطاعات هي على الترتيب: الاتصالات 16,3%، والسياحة 12%، وقناة السويس 11,9%، والتشييد والبناء 6%، والخدمات الصحية 5,2%، وخدمات التعليم 5,1%، والزراعة 4,1 %، وزاد نشاط قناة السويس سواء على مستوى العائدات أو زيادة أعداد السفن المارة أو ارتفاع الحمولات للسفن العابرة للقناة، وبلغت إيرادات القناة 9.4 مليارات دولار بنسبة زيادة 35% مقارنة بالعام السابق، وهي أعلى نسبة في تاريخ القناة، ومن المستهدف أن تزيد إلى ١٢ مليار دولار هذا العام، وذلك رغم أزمات الاقتصاد العالمي.
وفيما يلي تفصيل ذلك:
أ- قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
– جاء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أعلى القطاعات نموًا للعام الخامس على التوالي، بمعدل نمو بلغ نحو 16.3%، فيما بلغت نسبة مساهمته في الناتج المحلى الإجمالي نحو 5%.
– عملت الدولة على تنظيم مرفق الاتصالات، وتطوير ونشر خدماته على نحو يواكب أحدث وسائل التكنولوجيا، والحفاظ على الأمن القومي المصري، ولحماية حرمة الحياة الخاصة للمواطنين من الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة ومن ثم فقد تم تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003.
– تنامي دور القطاع في تنفيذ البنية التحتية الرقمية، وتطبيق حلول رقمية لزيادة كفاءة المؤسسات وارتفع حجم الصادرات الرقمية لمصر ليصل إلى 4.9 مليار دولار.
– تحسن ترتيب مصر في مؤشر جاهزية الحكومة للتحول الرقمي الصادر عن البنك الدولي، حيث أصبحت ضمن مجموعة الدول الرائدة بالتصنيف (أ) صعودًا من (ب) في عام 2020، و(ج) في عام 2018.
– أثمرت جهود مصر من أجل تعزيز التنافسية في صناعة التعهيد، ومضاعفة حجم الصادرات الرقمية عن حصولها على المرتبة الثالثة عالميا ضمن قائمة تضم أبرز المواقع العالمية في صناعة التعهيد صعودا من المركز 11 وفقا لتقرير “مؤشر الثقة في مواقع تقديم خدمات التعهيد العابرة للحدود 2023”، ويعكس تقدم ترتيب مصر 8 مراكز في المؤشر خلال عام واحد مدي النمو الذي تشهده صناعة التعهيد في ضوء إقبال العديد من الشركات العالمية العاملة في هذه الصناعة الواعدة على الاستثمار بمصر.
وسنتحدث فى الجزء الثاني من المقالة بإذن الله عن (قطاع الصناعة ).