الاستعداد للحج.. تطهير للروح واستجابة لنداء الرحمن

كتبت: دعاء سيد

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وعبادة عظيمة شرّف اللُّه بها عباده المؤمنين، فيها تجتمع الطاعة والخشوع والتضحية ويتحقق فيها معنى العبودية الصادقة للِّه وحده لا شريك له، ولأداء هذه الفريضة الجليلة لا بد من الاستعداد النفسي والروحي والمادي حتى يكون الحج مبرورًا مقبولًا.

الاستعداد للحج يبدأ من القلب بالإخلاص للِّه -عز وجل- وتجديد النية أن يكون الحج خالصًا لوجه اللِّه لا رياء فيه ولا سمعة، قال اللُّه -تعالى-:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البينة: 5)، كما قال النبيُّ (ﷺ):”إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” (رواه البخاري ومسلم)، فالنية الطيبة تُطهّر القلب وتجعله مستعدًا لرحلة الحج بكلِّ ما فيها من مشقة وطاعة، ومن الواجب على من أراد الحج أن يتعلم أحكامه وشروطه وأركانه، حتى يؤديه على وجه صحيح كما علّمنا النبيُّ (ﷺ) فقد قال:”خذوا عني مناسككم” (رواه مسلم)، ويقول اللُّه -تعالى-:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (الحج: 28)، فكيف يشهد المسلم المنافع وهو يجهل أحكام الحج وفضائله؟

الحج لا يجب إلا على من استطاع إليه سبيلًا، كما قال اللُّه -تعالى-:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران: 97)، فالاستعداد المالي يشمل توفير نفقات الحج من مال حلال دون تقصير في حقوق الأسرة أو الديون، أما الاستعداد البدني فيكون بالمحافظة على الصحة واللياقة لتحمل مشاق التنقل والطواف والسعي ورمي الجمرات، والحج مدرسة في تهذيب النفس وكبح الشهوات وضبط السلوك، قال النبيُّ (ﷺ):”من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” (رواه البخاري ومسلم)، ويقول اللُّه -تعالى-:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}
(البقرة: 197)، فمن أراد حجًا مبرورًا عليه أن يتهيأ بتحسين أخلاقه، والبعد عن الظلم ورد المظالم وصلة الأرحام والتسامح مع الناس.

من صور الاستعداد أن يودّع الحاج أهله وأقاربه وأصدقاءه، ويطلب منهم الدعاء والمسامحة وأن يرد الحقوق إلى أهلها، كما يستحب أن يكثر من الاستغفار والتوبة، ليلقى اللَّه -سبحانه وتعالى- بقلبٍ سليم، قال اللُّه -تعالى-:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31)، فالحج ليس مجرد رحلة إلى مكة؛ بل هو رحلة إلى اللِّه -عز وجل- يجدد فيها المسلم عهده مع ربه ويعود بعدها بروح نقية ونفس مطمئنة، وكلما كان الاستعداد له كاملًا كان الحج أقرب للقبول، والحاج أقرب للجنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *