كتبت: دعاء سيد
شهر ذي الحجة من أعظمِ شهور العام، حيثُ تحتضن أيامه الفضيلة مناسبات عظيمة تتعلق بالعباداتِ والتقرب إلى اللّٰهِ -تعالى-، تتصدر هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، والتي سماها اللّٰهُ -تعالى- في القرآنِ الكريم في قولهِ -تعالى-:{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرِ} (الفجر:1-2)، تعتبر هذه الأيام من أفضلِ الأيام في السنةِ، وتتميز بفضلِها العظيم ومكانتها الرفيعة.
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
تحمل هذه الأيام في طياتِها فرصًا عظيمة لنيلِ الأجر والثواب، فقد ثبت في الأحاديثِ النبوية الشريفة أنّ العمل الصالح فيها أحب إلى اللّٰهِ -عز وجل- من أيّ وقتٍ آخر، يقول النبيُّ(ﷺ):”ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُ إلى اللّٰهِ -تعالى- من هذه الأيام” (رواه البخاري)، ويقصد بها العشر الأوائل من ذي الحجة، ومن أعظمِ أيام هذه العشر هو يوم عرفة، التاسع من ذي الحجة، الذي يشهد وقفة الحجاج على جبلِ عرفات، ويعتبر هذا اليوم فرصة عظيمة للمسلمين في كلِّ مكان للصيامِ والدعاء، حيث قال النبيُّ(ﷺ): “صيام يوم عرفة أحتسب على اللّٰهِ أنّ يُكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”(رواه مسلم).
تتوج هذه الأيام بمناسكِ الحج، الركن الخامس من أركانِ الإسلام، والذي يضم شعائر متعددة تشمل التلبية والطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات، والحج يُمثل فرصةً عظيمة للتوبةِ والمغفرة وتطهير النفس من الذنوبِ، وفي اليومِ العاشر، الذي يُعرف بيومِ النحر، يأتي عيد الأضحى المبارك، الذي يُجسد قصة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وابنه سيدنا إسماعيل -عليه السلام-، ويقوم المسلمون بذبحِ الأضاحي تقربًا إلى اللّٰهِ -تعالى- وتوزيع لحومها على الفقراءِ والمحتاجين.
من المهمِ أنّ نستغل هذه الأيام في الإكثارِ من العباداتِ والطاعات مثل: الصلاة وقراءة القرآن، والذكر والدعاء، والاستغفار والصيام، إذ أنّ الأجر فيها مُضاعف والفرص فيها كبيرة، ومن الأعمالِ المحببة في هذه الأيام أيضًا، تقديم الصدقات والمساهمة في مساعدةِ المحتاجين، مما يُعزز روح التكافل والتراحم بين أفرادِ المجتمع، وصيام يوم عرفة لمن لم يكن حاجًا هو من السننِ المؤكدة، ويترتب عليه مغفرة الذنوب؛ لذا ينبغي الاستعداد له بالصيامِ والدعاء والإكثار من العباداتِ.
إنّ العشر الأوائل من ذي الحجة هي فرصة ذهبية لكلِّ مسلم لزيادةِ القرب إلى اللّٰهِ -عز وجل- والتمتع بفضائلِ عظيمة ومغفرة ورحمة واسعة، على المسلمين أنّ يستغلوا هذه الأيام المباركة في الأعمالِ الصالحة والعبادات، وأنّ يحرصوا على استثمارِ كلِّ لحظةٍ فيها لنيلِ رضا اللّٰه والفوز بجناتهِ، فليجعل كلِّ منا هذه الأيام محطة للتزودِ من الخيرِ والعمل الصالح، وليكن شعارنا في هذه الفترة:”وَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (البقرة: 148).