نور النبوة وجمال الخَلق والخُلق

كتبت: دعاء سيد

كان وجه رسول اللّٰه (ﷺ) آية من آيات اللِّه -سبحانه وتعالى- في الجمال والوقار، يحمل أنوار النبوة وصفاء الطهارة، يشهد له القريب والبعيد ويأسره كل من رآه، حتى قال الصحابة- رضوان الله عليهم-: “من رآه هابه، ومن خالطه أحبّه”، وقد جاءت أوصاف وجهه الشريف في كثير من الأحاديث النبوية، تعكس النور الرباني والجمال الإلهي الممزوج بالتواضع والرحمة.

ورد في القرآن الكريم إشارات إلى نور النبيِّ (ﷺ)، ومنها قوله -تعالى-:﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾(المائدة: 15)، قال المفسرون: “النور” في هذه الآية هو النبيُّ محمد (ﷺ)، كما قال الإمام الطبري وغيره، أي أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- أرسل لكم نورًا يهديكم وهذا النور ليس فقط في رسالته؛ بل حتى في وجهه وسمته ودله، وفي موضع آخر يقول اللُّه -تعالى-:﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾(الأحزاب: 45-46)، وهذا الوصف “سِرَاجًا مُنِيرًا” يدل على أن وجهه وهديه كانا يهديان الناس كما يهدي السراج في الظلمات.

جاءت أوصاف دقيقة من الصحابة الكرام تصف ملامح وجه النبيَّ (ﷺ) ومنها: عن البراء بن عازب -رضى اللُّه عنه- قال: “كان رسول اللِّه (ﷺ) أحسن الناس وجهًا، وأحسنهم خَلْقًا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.”(رواه البخاري ومسلم)، وعن علي بن أبي طالب -رضى اللُّه عنه- أنه قال في وصفه: “كان رسول اللِّه (ﷺ)، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم، جعد الشعر، ولم يكن بالجعد القطط، ولا السبط، وكان في وجهه تدوير…”(رواه الترمذي)، وقال الصحابي الجليل جابر بن سمرة -رضى اللُّه عنه-: “رأيت رسول اللِّه (ﷺ) في ليلة إضحيان (أي ليلة مقمرة)، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر.”(رواه الترمذي وقال: حسن صحيح)، إنها شهادة صدق من صحابة عاشوا معه ورأوا وجهه الشريف، الذي فاق نور القمر وملك القلوب قبل الأبصار.

لم يكن جمال وجهه (ﷺ) جمالًا جسديًا فقط؛ بل كان يحمل الهيبة والجاذبية والنور الرباني، ولهذا كان من يراه يُحبّه فورًا حتى قبل أن يسمع حديثه، وهذا ما حدث مع عبد الله بن سلام -رضى اللُّه عنه- حَبْر اليهود، حين رأى النبيَّ (ﷺ) لأول مرة قال:”فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب.”(رواه الترمذي)، وجه مليء بالصدق والرحمة والطمأنينة، ينبض بالنور الإلهي والهداية، فجمال المظهر لا ينفصل عن جمال الجوهر، النبيُّ (ﷺ) كان أجمل الناس وجهًا وأكملهم خلقًا فكان جمعًا بين الجمالين، وكان وجهه الشريف مضيئًا بنور الإيمان واليقين، وهو مصداق لقوله -تعالى-:﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ (الفتح: 29)، فالمؤمن مرآة لرسوله، علينا أن نقتدي بهديه ونحاول أن نعكس سُنة نبينا في وجهنا وخلقنا وقلوبنا.

وجه النبيُّ (ﷺ) لم يكن كأي وجه؛ بل كان يشع نورًا وتفوح منه هيبة ورحمة وتفيض منه محبة وصدق، هو الوجه الذي سجد للِّه وبكى من خشية اللِّه وتبسم رحمة بأمته، فاللهم صلِّ وسلم على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، سيدنا محمد (ﷺ) ما تعاقب الليل والنهار وما نزل الغيث وانقشع الغمام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *