كتبت: دعاء سيد
شهر شعبان هو جسر روحي يصل بين رجب ورمضان، فيه تتهيأ القلوب لاستقبال خير الشهور، ومع اقتراب رحيله يزداد شوق المؤمنين لرمضان، شهر الصيام والقيام والقرآن؛ لذا من المهم أن نستقبل هذا الشهر الكريم بنفسٍ طاهرة وقلبٍ مُهيّأ للطاعة، سائلين اللَّه -عز وجل- أن يبلغنا إياه ونحن في أحسن حال.
كان النبيُّ (ﷺ) يكثر من الصيام في شعبان، كما جاء في حديث السيدة عائشة -رضى اللُّه عنها-:”ما رأيت رسول اللَّه (ﷺ) استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان” (متفق عليه)؛ لذلك فإن وداع شعبان يكون بمحاسبة النفس والاستغفار والإكثار من الطاعات، حتى يدخل رمضان وقلب المؤمن نقي مستعد لاستقبال النفحات الإيمانية، ومن أعظم ما يُودَّع به شعبان هو التوبة الصادقة، فاللُّه -سبحانه وتعالى- يقول:﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: 31)، إن التوبة تهيئ القلب لاستقبال رمضان بنقاء وصفاء، حتى يكون الشهر بداية جديدة لطاعة اللِّه -عز وجل-.
رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب؛ بل هو مدرسة تربوية لتزكية النفس، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف:”من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه)؛ لذلك فإن الاستقبال الصحيح لرمضان يكون بتجديد النية والعزم على استغلاله في الطاعات والعبادات، رمضان هو شهر القرآن الكريم، قال اللُّه -تعالى-:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185)؛
لذلك يُستحب أن يُقبل المسلم على تلاوة القرآن وختمه وتدبر معانيه؛ ليكون زاده في هذا الشهر الكريم.
يجب على المسلم أن يدخل رمضان بقلبٍ نقي خالٍ من الحقد، وقد حذر النبيُّ (ﷺ) من تأخير التوبة والمصالحة، فقال (ﷺ):”تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكلِّ عبد لا يشرك باللِّه شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا” (رواه مسلم)؛ فلنحرص على تصفية النفوس حتى ننال المغفرة والرحمة في هذا الشهر العظيم.
وداع شعبان واستقبال رمضان فرصة عظيمة لكلِّ مؤمن يريد الفوز برضا اللِّه -تعالى-، فلنتهيأ بالتوبة ونكثر من الطاعات ونجدد نياتنا لاستغلال هذا الشهر الكريم في القرب من اللِّه -عز وجل- ونسأل اللَّه -تعالى- أن يبلغنا رمضان، ويوفقنا فيه للصيام والقيام وأن يجعلنا من عتقائه من النار، اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان وأعنا فيه على الصيام والقيام وتلاوة القرآن، واجعلنا من المقبولين يا أرحم الراحمين.