مع اقتراب نهاية أيام الرحمة… كيف ستغتنم ما تبقى من رمضان؟

كتبت: دعاء سيد

يمضي شهر رمضان سريعًا كأنه لحظات، وتنتهي أولى عشراته، التيّ تُعرف بعشرة الرحمة، ليبدأ المسلم بالتفكر في ما مضى وما تبقى من هذا الشهر الفضيل، فقد جعل اللُّه هذا الشهر مقسمًا إلى ثلاثة أجزاء، كل منها يحمل معنى روحيًا عظيمًا، عشرة الرحمة وعشرة المغفرة، وعشرة العتق من النار، ومع انتهاء العشرة الأولى، يجد المسلم نفسه في اختبار حقيقي؛ هل اغتنم هذه الأيام بما يليق بها؟ وهل استشعر نفحات الرحمة التيّ خصّ اللُّه -تعالى- بها هذا الشهر الكريم؟

الرحمة صفة من صفات اللِّه -عز وجل-، وهو القائل في كتابه العزيز:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (الأعراف: 156)، فاللُّه -سبحانه وتعالى- رحيم بعباده، يفتح لهم أبواب التوبة ويبسط لهم من رحمته في هذا الشهر الفضيل؛ ليعودوا إليه بقلوب صادقة، وقد وصف النبيُّ (ﷺ) نفسه بأنّه رحمةً مهداة، حيث قال (ﷺ):”إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ” (رواه الدارمي)، وفي رمضان تتجلى هذه الرحمة بأعظم صورها، حيث تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، وتُصفَّد الشياطين كما أخبر بذلك النبيُّ (ﷺ) في الحديث الشريف:”إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ” (متفق عليه).

كيف نستثمر العشرة الأولى من رمضان؟

قد يكون البعض قد قصر في العبادة في هذه الأيام، لكن الفرصة لا تزال قائمة، فمن رحمة اللِّه -تعالى- أنّه جعل رمضان كله مليئًا بالخيرات، وليس العبرة فقط ببداية قوية؛ بل بالثبات حتى النهاية، قال اللُّه -تعالى-:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (طه: 82)، فلا يجب أن يحبط المسلم إن لم يكن قد بذل ما يكفي من الجهد في العشرة الأولى؛ بل عليه أن يعود إلى اللِّه -تعالى- بقلب نادم وعمل صالح.

من رحمة اللِّه -سبحانه وتعالى- أن جعل الدعاء مستجابًا في رمضان، كما قال النبيُّ (ﷺ): “ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ العَادِلُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ” (رواه الترمذي)؛ فلنرفع أكفّ الضراعة إلى اللِّه -عز وجل-، سائلين إياه الرحمة والمغفرة والتوفيق فيما بقي من رمضان، وقال النبيُّ (ﷺ): “الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ” (رواه الترمذي)، فرمضان هو شهر العطاء، ومن صور الرحمة فيه التصدق على الفقراء، وإطعام الطعام والتخفيف عن المحتاجين

.مع دخول العشر الثانية، وهي عشرة المغفرة، يجب أن يزيد المسلم من جهده، فهذه الأيام مرحلة جديدة نحو العتق من النار، كما قال النبيُّ (ﷺ) في الحديث الذي يرويه سلمان الفارسي -رضى اللُّه عنه-:”أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ” (رواه البيهقي)، وهذا يعني أن العشرة الثانية فرصة عظيمة لغفران الذنوب، خاصة لمن قصّر في البداية، فما زالت أبواب الرحمة مفتوحة، وما زالت الفرصة قائمة لنكون من عتقاء اللِّه -عز وجل- في نهاية الشهر.

انتهاء العشرة الأولى من رمضان ليس نهاية الرحمة؛ بل هو دعوة للاستمرار والمضي قدمًا في طريق الخير، فرمضان كله رحمة ومغفرة وفضل من اللِّه -سبحانه وتعالى-، فليكن هذا الانتقال إلى العشرة الثانية نقطة انطلاق جديدة، نضاعف فيها الجهد ونستغل كلّ لحظة فيما يقربنا من اللِّه -عز وجل-، حتى نفوز في النهاية بالعتق من النار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *