مشروع قانون الإيجار القديم ودور الحكومة في توفير البديل للمواطن

بقلم: إسلام الحوت

المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة

عضو اتحاد المحامين العرب

في ظل الجدل الدائر حول مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، يطرح المحامي إسلام الحوت رؤية قانونية واجتماعية متوازنة توضح أهمية التعديل ودور الحكومة في حماية المستأجر وتوفير البدائل.
يُعد قانون الإيجار القديم من أبرز القضايا التشريعية التي تثير جدلًا واسعًا في الشارع المصري، لما لها من أبعاد قانونية واجتماعية واقتصادية تمس شريحة كبيرة من المواطنين، سواء من الملاك أو المستأجرين. وفي ظل سعي الدولة إلى تعديل هذا القانون، تبرز أهمية تحقيق توازن عادل يحفظ حقوق الطرفين، مع دور محوري على عاتق الحكومة في توفير البديل المناسب للمواطن.
خلفية قانون الإيجار القديم
تم إصدار قانون الإيجارات القديمة في ظل ظروف استثنائية بعد ثورة يوليو ١٩٥٢، وكان الهدف منه حماية المستأجر من تحكم السوق العقاري. إلا أن هذا القانون، مع مرور العقود، أصبح لا يواكب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، حيث ظلت القيمة الإيجارية مجمدة لعقود طويلة، مما شكّل ظلمًا واضحًا لمالك العقار الذي لا يستطيع الاستفادة من أملاكه.
أهمية تعديل القانون
إن التوجه نحو تعديل قانون الإيجار القديم أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، خاصة في ضوء:
ارتفاع أسعار العقارات وقيمتها الإيجارية بالسوق؛
المطالبات القضائية المتكررة من الملاك لاستعادة أملاكهم؛
الحاجة إلى تحفيز الاستثمار في السوق العقاري.
وقد جاءت مسودات التعديل لتؤكد على التحرير التدريجي للعلاقة الإيجارية، وفق ضوابط عادلة، مع منح مهلة انتقالية تحفظ كرامة المستأجر وتحترم حق المالك.
دور الحكومة في توفير البديل
هنا يبرز الدور المحوري للدولة في مرافقة عملية التعديل بتدخلات اجتماعية تراعي الفئات الضعيفة، من خلال:
١. توفير وحدات سكنية بديلة ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي بأسعار مدعومة؛
٢. تقديم دعم نقدي مباشر أو قروض ميسّرة للمستأجرين المتضررين؛
٣. تطبيق فترات انتقالية واقعية تصل إلى خمس سنوات أو أكثر في بعض الحالات؛
٤. تحديد الفئات الأولى بالرعاية مثل الأرامل، وكبار السن، وأصحاب المعاشات، لضمان عدم تضررهم.
الضمانات القانونية المطلوبة
لكي يتم تعديل القانون بشكل عادل، لا بد من وجود ضمانات واضحة، من بينها:
تقنين العلاقة بعقد جديد موثّق في الشهر العقاري؛
تمكين المستأجر غير القادر من اللجوء لصندوق دعم الإيجار المقترح؛
إنشاء لجنة مستقلة لفض المنازعات الانتقالية بين الطرفين.

في النهاية يجب ان نعي إن تعديل قانون الإيجار القديم ليس مجرد مسألة قانونية، بل هو قضية عدالة اجتماعية واقتصادية في المقام الأول. ولن ينجح هذا التعديل إلا إذا ارتكز على التدرج، وراعى الظروف المعيشية للفئات المتضررة، مع دور فاعل للحكومة في توفير البدائل والسكن اللائق، بما يضمن كرامة المواطن ويحترم حقوق المالك في آنٍ واحد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *