“ليلة الغفران والبراءة”

كتبت: دعاء سيد

في ليلةِ النصف من شعبانِ، تتجلى العديد من الفضائلِ والنسمات الروحية، وتسمى هذه الليلة بليلةِ «الغفران والبراءة»؛ لأنّها ليلة يفرغ اللّهُ فيها سجل الأعمال، ويتم فيها قضاء الحسابات ومغفرة الذنوب.

تم تسمية الليلة بليلةِ «الغفران»؛ لأنّها تُعتبر فرصة للتوبةِ والاستغفار، حيثُ يجعل اللّهُ فيها للعبدِ فرصة للندمِ على ذنوبهِ والعهد بالتحسنِ في حياتهِ، أما بالنسبةِ لليلةِ «البراءة»، تُعتبر هذه التسمية تأكيدًا على براءةِ المؤمنين من الذنوبِ والخطايا، حيثُ يُحسن اللّهُ في هذه الليلة حال المؤمنين ويُبرئ قلوبهم.

تحظى ليلة النصف من شعبانِ بتفضيلٍ خاص من قبلِ النبي محمد(ﷺ)، حيثُ قال في الحديثِ الشريف: “إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا” (صحيح ابن ماجه)، يُعبر هذا الحديث عن أهميةِ القيام بالعباداتِ في هذه الليلة، وصوم نهارها.

خلال ليلة النصف من شعبانِ، يقوم المسلمون بتكثيفِ العباداتِ والطاعات، من صلاةٍ وقراءة القرآن الكريم إلى الدعاءِ والتوبة، ويُشجع على قراءة سور خاصة مثل: سورة «الكهف و يس»، والاستغفار والدعاء للِّه بالرحمةِ والمغفرة، ويُعتبر هذا الوقت فرصة للتوبةِ وتحسين العلاقة مع اللِّه، واحتفال المسلمين بهذه الليلة يعكس التوجه الروحاني والبحث عن الغفرانِ والبركة، ويتجلى ذلك في الجهودِ الفردية والجماعية لأداءِ العبادات والتفرغ للطاعةِ في هذه الليلة المميزة

وفيما يتعلق بتحويل القبلة، جاء ذلك بأمر من اللِّه-تعالى- للنبي(ﷺ)، في البدايةِ كانت القبلة بالتوجه نحو بيتِ المقدس «المسجد الأقصى»، إلا أنّ اللّه -عز وجل- قرر تحويل القبلة إلى«المسجد الحرام» في مكةِ المكرمة، يأتي هذا التحول كجزءٍ من إرادةِ اللّه لتوحيدِ المسلمين وتعزيز الهوية الإسلامي، قال اللُّهُ-تعالى-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}
(البقرة:١٤٤)

إضافةً إلى ذلك، جاء في الأحاديثِ النبوية الصحيحة أنّ تحويل القبلة كان إشارة واضحة لتفريقِ المسلمين عن الطقوسِ اليهودية والتمييز بين الأمتين.

في ختامِ هذا المقال، يظهر أنّ ليلة النصف من شعبان تحمل قيمًا دينية عظيمة، حيثُ تكسب المسلمين فرصةً للتوبةِ والغفران، وتذكيرهم بأحداثٍ تاريخية مهمة مثل: “تحويل القبلة”، التي تعزز الوحدة والهوية الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *