كتبت: دعاء سيد
يقترب شهر رمضان من نهايته، ومع ختامه تعلو مشاعر الحزن على فراق أيامه المباركة، ويزداد الرجاء في رحمة اللِّه ومغفرته، فقد كان رمضان موسمًا للطاعة والعبادة، حيث تجلت فيه بركات الصيام والقيام والذكر، وها نحن نودّع هذه الأيام الفاضلة بقلوبٍ يملؤها الأمل أن نكون من المقبولين الفائزين.
رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار
لقد خص اللُّه -سبحانه وتعالى- رمضان بفضل عظيم، فقال في كتابه الكريم:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185)، وهو شهر تتضاعف فيه الأجور وتتنزل فيه الرحمات، ويغفر اللُّه -تعالى- فيه الذنوب لمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا، كما قال النبيُّ (ﷺ): “مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه” (متفق عليه).
ليلة القدر تاج رمضان وأعظم لياليه وقبل ختام رمضان، تشرق ليلة القدر بنورها، وهي ليلة خير من ألف شهر، قال اللُّه -تعالى-: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ (القدر: 3)، وهي ليلة عظيمة يغفر اللُّه فيها الذنوب ويعتق الرقاب من النار، وقد علّم النبيُّ (ﷺ) السيدة عائشة -رضى اللُّه عنها- أن تدعو فيها: “اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عني” (رواه الترمذي).
مع نهاية رمضان يترقب المؤمنون علامات القبول، ومن أبرزها الاستمرار في الطاعة بعد الشهر، إذ قال بعض السلف: “علامة قبول الطاعة الطاعة بعدها”، كما أن من رحمة اللِّه -سبحانه وتعالى- بعباده أن شرع لهم زكاة الفطر تطهيرًا للصائمين، كما ورد عن ابن عباس -رضى اللُّه عنهما- أن النبيَّ (ﷺ) فرض زكاة الفطر “طهرةً للصائم من اللغو والرفث وطعمةً للمساكين” (رواه أبو داود).
وبعد وداع رمضان يأتي عيد الفطر؛ ليكون فرحة للصائمين قال النبيُّ (ﷺ): “للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه” (متفق عليه)، وهو يوم يسن فيه التكبير وإظهار البهجة وصلة الأرحام، حيث قال اللُّه -سبحانه وتعالى-: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾
(البقرة: 185).
ختام رمضان فرصة لمحاسبة النفس وتجديد العهد مع اللِّه -عز وجل-، فالسعيد من خرج منه مغفورًا له، والشقي من أدرك رمضان ولم يُغفر له، فلنحرص على الاستمرار في الطاعة ونسأل اللَّه -تعالى- أن يجعلنا من المقبولين، وأن يعيده علينا أعوامًا عديدة ونحن في طاعته ورضاه.