كتبت: دعاء سيد
في كتابِ اللِّه العزيز -القرآن الكريم-، نجد آياتًا عديدة تُظهر لنا قدرة اللَّه المطلقة في تغييرِ مجريات الأمور وتقديم المعجزات التي تتجاوز حدود المنطق البشري والطبيعة، هذه الآيات ليست مجرد قصص تاريخية؛ بل هي دروس إيمانية تُعزز ثقتنا في قدرةِ اللِّه غير المحدودة، وتدفعنا للتفكرِ في حكمتهِ ورحمتهِ.
من أروعِ المعجزات التي ذكرها القرآن الكريم، قصة مريم العذراء -عليها السلام- التي أنجبت المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام- بدونِ أب قال اللُّه -تعالى-: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ”
(آل عمران: 45)، هذه المعجزة تُظهر أنّ اللَّه قادر على خلقِ الحياة بدون الأسباب التقليدية، مشيرًا إلى عظمتهِ وقدرتهِ الفائقة.
ومن المعجزاتِ الأخرى المثيرة للإعجابِ، قصة عيسى بن مريم -عليه السلام- عندما تكلّم في المهدِ ليُبرئ أمه من الاتهاماتِ الباطلة، قال -تعالى-: “فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا۟ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا” (مريم: 29-30)، هذا الحدث يُبيّن أنّ اللَّه قادر على منحِ الحكمة والنطق لمن يشاء، في أيّ وقتٍ يشاء.
في قصة زكريا -عليه السلام- وزوجت العجوز، نجد أنّ اللَّه استجاب لدعاءِ زكريا ورزقه بابنٍ وهو في سنٍ متقدمة، حيث قال -تعالى-: “فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌۭ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًۢا بِكَلِمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًۭا وَحَصُورًۭا وَنَبِيًّۭا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ” (آل عمران: 39)، هذه الآية تُذكّرنا بأنّ الأمل لا ينبغي أنّ ينقطع مهما كانت الظروف، فاللُّه قادر على كلِّ شيء.
وكذلك قصة إبراهيم الخليل -عليه السلام- وزوجته سارة -عليها السلام-، التي كانت عاقرًا ومع ذلك بُشّرت بإسحاق ويعقوب – عليهما السلام- قال اللُّه -تعالى-: “وَٱمْرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٌۭ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَـٰقَ يَعْقُوبَ” (هود: 71)، تُظهر هذه القصة أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- يملك القدرة على تغييرِ مصائرنا بطرقٍ لا نتوقعها.
ومن المعجزاتِ الكونية التيّ تَحدَّث عنها القرآن الكريم، انشقاق القمر، قال -تعالى-: “ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ” (القمر: 1)، هذه الآية تُظهر قدرة اللَّه على تغييرِ نظام الكون نفسه، مُذكِّرًا بأنّ يوم القيامة آتٍ لا محالة.
وفي قصةِ أصحاب الكهف، نجد أنّ اللَّه أماتهم سنواتٍ طويلة ثم بعثهم ليكونوا آيةً للناسِ، قال -تعالى-: “وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌۭ” (الكهف: 18)،هذه القصة تؤكد أنّ الزمن بيدِ اللّه، يُحيي ويميت ويبعث من في القبورِ متى شاء.
وفي معركةِ بدر، نجد أنّ اللَّه نصر الفئة القليلة من المسلمين على الكثرةِ من المشركين، قال اللُّه -تعالى-: “وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍۢ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌۭ” (آل عمران: 123)، هذه المعجزة توضح أنّ النصر من عندِ اللِّه، وليس بالقوةِ العددية فقط.
في ضوءِ هذه المعجزات، يتضح لنا أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- قادر على كلِّ شيء ولا يعجزه شيء، وعلينا أنّ نثق في قدرتهِ ورحمتهِ، وأنّ نعلم أنّ كلَّ ما يحدث في حياتنا هو جزء من حكمتهِ الواسعة، لا ينبغي أنّ نشك للحظةٍ في قدرةِ اللِّه على تحقيقِ ما يبدو لنا مستحيلاً؛ بل علينا أنّ نلجأ إليه بالدعاءِ والتضرع، مؤمنين بأنّ اللَّه قادر على تغييرِ مجريات الأمور كيفما شاء.