كتبت: دعاء سيد
{فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} (لقمان: 33) جاءت توجه المسلمين إلى التأمل في الحياة الدنيا وحقيقتها، حيث تحث المؤمنين على عدم الانخداع بمظاهر الدنيا الزائلة، الدنيا بطبيعتها مليئة بالمغريات التي قد تجعل الإنسان يغفل عن هدفه الحقيقي وهو السعي للآخرة.
الآية الكريمة تحمل رسالة واضحة وهي تحذير من أنّ يغتر الإنسان بالحياة الدنيا، اللُّه -سبحانه وتعالى- ينبه الناس إلى أنّ هذه الحياة مؤقتة وزائلة، مهما كان زخرفها وجمالها، كلّ ما فيها إلى زوال، سواء كان من الأموال أو النفوذ أو الشهرة، ولا يبقى للإنسان سوى عمله الصالح.
الحياة الدنيا مليئة بالاختبارات والابتلاءات، ويُظهر القرآن الكريم في مواضع عدة كيف أنّ الدنيا تلهي الإنسان وتجعله ينسى ما هو أهم -الآخرة-، فقد قال اللُّه -تعالى- في موضعٍ آخر: { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } (آل عمران: 185)، وهذا يعزز الفكرة أنّ الدنيا تخدع الإنسان وتبعده عن هدفه الروحي إنّ لم يكن واعيًا.
الانخداع بالدنيا يعني التعلق الزائد بمظاهرها والمبالغة في السعي وراء ملذاتها ومغرياتها، سواء كان ذلك في الثروة أو المنصب أو غيرها من متاع الدنيا، الغرور بالدنيا يمكن أنّ يؤدي إلى البعد عن اللِّه -سبحانه وتعالى- والانغماس في الخطايا والمعاصي؛ لذلك جاء التحذير الإلهي، فلا بد للمؤمن أنّ يتعامل مع الدنيا بحذر وأنّ يسعى إلى التوازن بين حاجاته الدنيوية والسعي للآخرة.
الإسلام لا يمنع من التمتع بنعم اللّٰه في الدنيا؛ بل يشجع على الاستفادة منها بشكلٍ لا يلهي عن عبادة اللِّه والسعي للآخرة، فقد قال اللُّه -تعالى-: { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } (القصص: 77)، إذن المطلوب هو عدم إهمال الآخرة والحرص على أنّ تكون الدنيا وسيلة؛ لتحقيق رضا اللّٰه.
الإنسان الحكيم هو من يدرك أنّ الدنيا دار اختبار وليست دار قرار، يجب أنّ يسعى للتقرب إلى اللِّه -تعالى- بالأعمال الصالحة وأنّ يستخدم نِعَم الدنيا لرضاه، ولا يغتر بما فيها من ملذات زائلة، فَهم هذه الحقيقة يدفع الإنسان إلى السعي الحثيث للآخرة دون أنّ يتأثر بمغريات الدنيا، فالآية الكريمة تُذكرنا بأنّ الحياة الدنيا مليئة بالاختبارات والابتلاءات، وأنّ ما يهم في النهاية هو العمل الصالح الذي يقود إلى الفوز في الآخرة؛ لذا يجب أنّ نحيا بعقلية متوازنة تسعى للاستفادة من الدنيا بما يرضي اللُّه، مع التركيز على الهدف الأسمى وهو السعادة الأبدية في الآخرة.