كتبت: دعاء سيد
مع كلِّ بداية عام هجري جديد، تأتي فرصة فريدة للتأمل وإعادة النظر في حياتنا الروحية والعلاقاتنا مع اللِّه -عز وجل-، هذه اللحظة ليست مجرد تغيير في التقويم؛ بل هي دعوة مفتوحة للتوبة وتجديد العهد مع اللِّه -سبحانه وتعالى-، لتبدأ العام الجديد بقلبٍ نقي ونفس طاهرة.
وللتوبة أهمية عظيمة فاللّه -سبحانه وتعالى- يغفر الذنوب مهما كانت كبيرة إذا كانت التوبة صادقة، قال اللُّه -تعالى-: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ} (طه: 82).
التوبة تزيل العبء النفسي الناتج عن الذنوب، وتمنح القلب راحة وطمأنينة، وتعزز من علاقتنا باللِّه، وتجعلنا أقرب إليه، مما يزيد من بركاته ورحمته علينا، فاللّه -سبحانه وتعالى- يعد بالتوفيق والنجاح لمن يتوب ويعود إليه بصدقٍ، قال اللُّه -تعالى-: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُم} (التوبة: 5).
يجب على المؤمن أنّ يتوقف فورًا عن ارتكاب الذنب، والشعور بالندم الحقيقي على ما مضى من معاصي، واتخاذ قرار حازم بعدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، والإكثار من الاستغفار والدعاء للِّه -تعالى- بأنّ يقبل توبتنا ويغفر لنا، وتعويض ما فات بأعمالٍ صالحة، كالصلاة والصيام والصدقة، لتعزيز التوبة وتأكيد صدقها.
القرآن الكريم هو مرشدنا في الحياة، وقراءة آياته تساعدنا على التأمل والتوبة، وحضور مجالس العلم والدروس الدينية تعزز من معرفتنا وتذكّرنا بأهمية التوبة، والابتعاد عن رفاق السوء واختيار الصحبة الصالحة التي تعين على الطاعة وتبعد عن المعصية، والتركيز على الدعاء والاستغفار وجعل الاستغفار والدعاء جزءًا من حياتنا اليومية، خاصةً في أوقات السحر، ووضع خطة للتغيير وتحديد أهداف واضحة وسعي حثيث لتحقيقها، كتحسين سلوك معين أو الالتزام بعبادة معينة.
بداية العام الهجري الجديد هي فرصة ثمينة لكلِّ مسلم ومسلمة للعودة إلى اللِّه -تعالى- بتوبةٍ نصوح، لنجعل من هذا الوقت المبارك نقطة تحول في حياتنا، نتخلص فيها من الذنوب ونسعى نحو الطاعات والخيرات، فإنّ التوبة ليست مجرد كلمات؛ بل هي فعل وقلب صادق فلنغتنم هذه الفرصة، ونسعى جميعًا لأنّ يكون هذا العام الهجري الجديد بدايةً لحياةٍ طيبة ومليئة برضا اللِّه -تعالى- ومغفرته.