عناية اللّٰه ورعايته رغم اليُتم

كتبت: دعاء سيد

نشأ النبيُّ (ﷺ) في ظروفٍ صعبة تمثلت في فقد والديه في سن مبكرة، لكن هذه المحن كانت جزءًا من تربية اللِّه -تعالى- له وإعداده لتحمل أعظم رسالة في تاريخ البشرية، قال -تعالى-:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ} (الضحى: 6)،
هذه الآية تشير إلى لطف اللِّه الخفي ورعايته للنبيِّ (ﷺ) منذ صغره.

بعد وفاة أمه السيدة آمنة بنت وهب، انتقل النبيُّ (ﷺ) إلى كنف جده عبد المطلب، الذي كان يعامله معاملة خاصة ويغمره بحبه ورعايته، يقول السيوطي في “الخصائص الكبرى” إن عبد المطلب كان يرى في حفيده علامات النبوة، وبعد وفاة جده تولى عمه أبو طالب تربيته وحماه من كلِّ أذى.

رغم قسوة اليتم، كان النبيُّ (ﷺ) يتمتع بأخلاقٍ رفيعة وسيرةٍ حسنة، فقد كان يُلقب بـ”الصادق الأمين” قبل بعثته، يقول النبيُّ (ﷺ):”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” (رواه أحمد)، هذه الأخلاق لم تكن وليدة اللحظة؛ بل نشأت وترعرعت في بيئةٍ شكلتها حكمة اللُّه -سبحانه وتعالى- ورعايته.

اليُتم كان مدرسة للنبيِّ (ﷺ) تعلم فيها الصبر والتواضع والاعتماد الكامل على اللِّه -عز وجل-، يقول الإمام ابن كثير: “اللُّه سبحانه هيأ قلب نبيه للرحمة واللين من خلال هذه المحن، ليكون قائدًا رحيمًا ومعلمًا للبشرية”، قال اللُّه -تعالى-:{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ. وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ} (الضحى: 7-8)، في هذه الآيات، يظهر بوضوح كيف أنّ اللَّه -تعالى- تكفل برعاية نبيه في كلِّ مرحلةٍ من مراحل حياته، فكان خير معين له.

اليُتم لم يكن عائقًا للنبيِّ (ﷺ)؛ بل كان دافعًا ليعتمد على الله وحده، يظهر في كلِّ موقف من حياة النبيِّ (ﷺ) أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- كان يحيطه بعنايته، ورغم الظروف الصعبة كان النبيُّ (ﷺ) متواضعًا مع الجميع، يدعوهم بأخلاقه قبل كلماته.

نشأة النبيُّ (ﷺ) تذكرنا بأنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- لا يترك عباده، خاصةً من كان قلبه متعلقًا به، فقد أعد اللُّه -تعالى- نبيه (ﷺ) من خلال دروس الحياة القاسية؛ ليكون قائدًا ومعلّمًا ورحمةً للعالمين، فعلينا أن نستمد من سيرته الصبر والتوكل والعمل الصالح، قال اللُّه -تعالى-:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: 21)، فلنتخذ من سيرته قدوة ونبراسًا لحياتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *