كتبت: دعاء سيد
عثمان بن عفان ـرضى اللُّه عنهـ، الصحابي الجليل والخليفة الثالث للمسلمين، عُرف بلقب “ذو النورين” لزواجه من ابنتي النبيّ (ﷺ)، رقية ثم أم كلثوم، كانت حياته مثالًا في الإيمان والورع، وكان له دور بارز في نشر الإسلام وبناء الأمة الإسلامية.
ينحدر عثمان بن عفان -رضى اللُّه عنه- من بني أمية، إحدى القبائل المكية الرفيعة النسب، وُلد بعد عام الفيل بست سنوات تقريبًا، وكان من أوائل الذين أسلموا بعد دعوة أبي بكر الصديق ـرضى اللُّه عنه-، كان عثمان شخصية محترمة قبل الإسلام، وتاجرًا ناجحًا يتمتع بأخلاق عالية.
اعتنق عثمان الإسلام في بدايات الدعوة المكية، وكان من العشرة المبشرين بالجنة، أحبّه النبيُّ (ﷺ) لكرمه وأخلاقه العالية، وكان له مكانة خاصة عند رسول اللّٰه (ﷺ)، تزوج من رقية ابنة النبيّ (ﷺ)، وبعد وفاتها زوّجه النبيُّ (ﷺ) من ابنته الثانية أم كلثوم؛ ليصبح بذلك الوحيد الذي جمع بين ابنتي النبيّ (ﷺ)، ولهذا لُقب بـ “ذو النورين”.
بعد وفاة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضى اللُّه عنه-، تولى عثمان الخلافة عام 24 هـ، واستمرت خلافته لمدة 12 عامًا، في عهده، توسعت الفتوحات الإسلامية بشكلٍ كبير ووصلت إلى مناطق جديدة في أفريقيا وآسيا، كما قام عثمان ـرضى اللُّه عنه- بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، وذلك لحماية النص القرآني من التحريف أو الاختلاف بين القراء.
كان عثمان بن عفان -رضى اللُّه عنه- معروفًا بكرمه الكبير، عندما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة، قام عثمان بشراء بئر رومه؛ ليكون مصدر ماء مجاني لجميع المسلمين، كما جهز جيش العسرة خلال غزوة تبوك بماله الخاص، مما أظهر سخاءه الكبير في خدمة الإسلام والمسلمين.
واجه عثمان -رضى اللُّه عنه- اضطرابات داخلية في سنواته الأخيرة بسبب بعض الفتن التيّ انتشرت في أرجاء الدولة الإسلامية، ورغم محاولاته الإصلاحية، إلا أنّ بعض الخوارج حاصروا داره في المدينة المنورة وقتلوه وهو صائم يقرأ القرآن عام 35 هـ؛ ليكون شهيدًا وهو في خدمة الأمة الإسلامية.
يظل عثمان بن عفان -رضى اللُّه عنه- شخصية مؤثرة في تاريخ الإسلام، أسهمت قراراته وإنجازاته في توحيد الأمة وتقوية الدولة الإسلامية، كما يعد دوره في جمع القرآن الكريم من أهم الأعمال التي حافظت على الكتاب العزيز حتى يومنا هذا، عثمان بن عفان “ذو النورين” رمزٌ للتقوى والورع، ومثالٌ للتضحية في سبيل الإسلام، لم يكن فقط حاكمًا عظيمًا؛ بل كان أيضًا مثالًا يُحتذى به في الأخلاق والكرم، إرثه خالد في قلوب المسلمين، وستظل حياته محطة فخر في تاريخ الإسلام.