كتبت: دعاء سيد
صلاة التراويح من العبادات العظيمة التيّ شرعها الإسلام في شهر رمضان، وهي من قيام الليل الذي يضاعف اللُّه -تعالى- فيه الأجر والثواب، فقد سنَّها النبيُّ (ﷺ) وحثَّ عليها، وهي سُنَّة مؤكدة عند جمهور العلماء، يزداد بها المؤمن قربًا من اللِّه -تعالى- ويعيش أجواء روحانية في هذا الشهر الفضيل.
حثَّ اللُّه -سبحانه وتعالى- على قيام الليل في عدة مواضع من القرآن، ومن ذلك قوله -تعالى-:﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (المزمل: 1-2)،وقوله -سبحانه وتعالى-:﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ (الإسراء: 79)، فهذه الآيات تدل على فضل قيام الليل، وصلاة التراويح من ضمن هذا القيام في رمضان، حيث تضاعف الأجور في هذا الشهر الكريم، كما ثبتت مشروعية صلاة التراويح بسنة النبيِّ (ﷺ)، فقد روى أبو هريرة -رضى اللُّه عنه- أن النبيَّ (ﷺ) قال:”مَن قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه” (متفق عليه).
كما ورد أن النبيَّ (ﷺ) صلَّى بأصحابه عدة ليالٍ ثم ترك ذلك خشية أن تُفرض عليهم، فعن عائشة -رضى اللُّه عنها- قالت:”أنَّ رسولَ اللَّهِ (ﷺ) خرجَ ليلةً من جوفِ اللَّيلِ فصلَّى في المسجدِ، فصلَّى رجالٌ بِصلاتِهِ، فأصبحَ النَّاسُ فتحدَّثوا، فاجتمعَ أكثرُ مِنهم، فصلَّوا معَهُ، فأصبحَ النَّاسُ فتحدَّثوا، فكثرَ أهلُ المسجدِ مِنَ اللَّيلةِ الثَّالثةِ، فخرجَ رسولُ اللَّهِ (ﷺ)، فصلَّى بِهم، فلمَّا كانتِ اللَّيلةُ الرَّابعةُ، عجزَ المسجدُ عن أهلِه، فلم يخرج إليهم رسولُ اللَّهِ (ﷺ)، فلمَّا أصبحَ قالَ: قد رأيتُ الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروجِ إليكم إلَّا أنِّي خشيتُ أن تُفرَضَ عليكم” (متفق عليه).
لم يحدد النبيُّ (ﷺ) عددًا معينًا لصلاة التراويح، لكنه (ﷺ) كان يصلي إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة، كما جاء في حديث عائشة -رضى اللُّه عنها-:”ما كان رسولُ اللهِ (ﷺ) يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِه على إحدى عشرةَ ركعةً” (متفق عليه)، ولكن الصحابة بعد ذلك صلوها عشرين ركعة في عهد عمر بن الخطاب -رضى اللُّه عنه- ولم يُنكر عليهم أحد، مما يدل على جواز الزيادة فيها حسب الاستطاعة.
صلاة التراويح تحقيق القرب من اللِّه -تعالى- فهي من العبادات التيّ تزيد من صلة العبد بربه، كما أنها مغفرة الذنوب كما جاء في الحديث السابق، فمن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، واغتنام شهر رمضان فهو شهر تضاعف فيه الحسنات، والتراويح فرصة عظيمة لنيل الأجر، وتقوية الروابط الاجتماعية، حيث يجتمع المسلمون في المساجد، فيتحقق الترابط والتآخي بينهم.
تُصلَّى التراويح بعد صلاة العشاء، ويستمر وقتها حتى قبل الفجر، ومن الأفضل تأخيرها إلى الثلث الأخير من الليل لمن استطاع؛ لأن اللَّه -تعالى- قال:﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الذاريات: 18)، صلاة التراويح من النعم العظيمة التيّ خصَّ اللُّه -سبحانه وتعالى- بها شهر رمضان، وهي فرصة للتقرب إليه سبحانه وتعالى ونيل الأجر العظيم، فحريٌّ بالمسلم أن يحرص على أدائها وأن يخلص النية فيها للِّه -عز وجل-، راجيًا رحمته ومغفرته.