بقلم: دعاء سيد
تحرير سيناء ليس مجرد حدث عسكري أو سياسي في تاريخ مصر؛ بل هو معجزة من معجزات اللِّه -تعالى-، ونصرٌ يُجسّد وعد اللَّه لعباده المؤمنين بأنّ العاقبة للمتقين، وأنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- يدافع عن الذين آمنوا، فقد كانت أرض سيناء عبر التاريخ مهبطًا للوحي وموضعًا للأنبياء ومسرحًا لمعجزات إلهية عظيمة، مما يعطيها مكانة روحية ودينية خاصة في وجداننا.
قال اللُّه -تعالى- في كتابه الكريم:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: 40)، هذه الآية تؤكد أن النصر ليس حكرًا على القوة العسكرية؛ بل هو وعد من اللِّه -عز وجل- للمؤمنين الصادقين الذين ينصرون دينه ويثبتون على مبادئهم، فمعركة تحرير سيناء جاءت بعد صبرٍ وثبات وبعد استعداد حقيقي على مستوى الإيمان والتخطيط والعمل، وهو ما يتفق مع قول اللّٰه -تعالى-:{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد: 7).
الإسلام يجعل الدفاع عن الأوطان واجبًا شرعيًا، وخصوصًا إذا كانت الأرض التيّ احتُلت تنتهك فيها الحرمات وتُعتدى على الحقوق، قال النبيُّ (ﷺ): “من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد” (رواه الترمذي والنسائي)، وأرض سيناء جزء عزيز من وطننا، سُفك فيها الدم وسُلبت فيها الحقوق، فكان الدفاع عنها والعمل على تحريرها نوعًا من الجهاد المشروع في سبيل اللِّه، قال -تعالى-:{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}(البقرة: 249)، كانت حرب تحرير سيناء في بدايتها تبدو معركة غير متكافئة من حيث العتاد والقوة؛ لكنها كانت راجحة بالإيمان والإرادة والنية الخالصة، وهذه هي الفئة القليلة التيّ نصرت، فكان النصر بإذن اللِّه.
قال اللُّه -تعالى-:{لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم: 7)، واجبنا بعد تحرير الأرض أن نشكر اللَّه -تعالى- على نعمته، لا بالشكر اللساني فقط؛ بل بالعمل الصالح وبناء الوطن وغرس القيم الدينية والأخلاقية في الأجيال الجديدة، حتى تبقى الأرض محررة في القلوب كما هي على الواقع.
تحرير سيناء ليس مجرد صفحة في كتاب التاريخ؛ بل هو درس إيماني عظيم يعلمنا أن النصر من عند اللِّه -تعالى-، وأن الإيمان الصادق والعمل الصالح هما طريق التمكين، كما يعلمنا أن الدفاع عن الأرض والعرض من أعظم العبادات التيّ يُثاب عليها المسلم، فنحمد اللَّه على هذه النعمة ولنكن على قدر المسؤولية بحفظها وتعميرها.