بقلم: الدكتور صلاح حامد رمضان علي
أستاذ هندسة الدقة بالمعهد القومي للقياس والمعايرة
أستاذ بقسم هندسة الميكاترونيكس ووكيل معهد الأهرامات العالي للهندسة والتكنولوجيا
الطاقة النظيفة هي سر الحياة وإشراقة المستقبل وداعم الإقتصاد الدولي، لأن البيئة والحفاظ عليها هي قضية العالم الأولى الآن، لذلك برز دور الهيدروجين كحل بديل محتمل للطاقة. مَن يُدرك قيمة الطاقة النظيفة، عليه أن يتعرف على الهيدروجين ويتمنى خفض تكاليف إنتاجه، لأنه قد يكون الوسيلة الأنسب قريباً للعيش في بيئة نظيفة. كثيراً ما يطلق عليه البعض “حل الجيل الحالي للأجيال القادمة”. الهيدروجين هو غاز عديم اللون والرائحة والطعم، معروف بأنه أبسط عنصر كيميائي في تركيبه. الهيدروجين من أكثر العناصر شيوعاً في الكون، ويوجد في الطبيعة على شكل جزيء ثنائي الذرة (H2). ذرة الهيدروجين هي أخف العناصر الكيميائية وأقلها كثافة على الإطلاق، حيث تبلغ حوالي 0.09 جرام لكل لتر مقارنةً بكثافة الهواء التي تبلغ 1.23، أي أخف من الهواء بحوالي أكثر من 13 ضعف. درجة غليان الهيدروجين حوالي 253- درجة مئوية (ليتحول عندها من الحالة الغازية إلى الحالة الصلبة). تتكون زرة الهيدروجين من بروتون واحد سالب الشحنة يشكل النواة وإلكترون واحد موجب الشحنة. يتكون غاز الهيدروجين من جزيئات صغيرة تسمى البروتونات والإلكترونات. أول من أكتشف الهيدروجين عام 1766 هو الكيميائي/الفيزيائي الإنجليزي هنري كافيندش (Henry Cavendish)، كما هو أول من أثبت أن الماء مُركب من الهيدروجين والأكسجين.
الهيدروجين هو وقود شديد التفاعل، حيث يمكنه أن يتحد مع عناصر أخرى مثل الأكسجين لتكوين الماء (H2O)
كما يمكن استخدامه لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة وتشغيل السيارات عن طريق تحويل الطاقة الكيميائية للهيدروجين إلى طاقة ميكانيكية، وكذلك في تشغيل مولدات الحرارة لتدفئة المباني. وفي ذات الوقت، يتمتع الهيدروجين بإمكانات كبيرة للحد من التأثير البيئي والمساهمة في إمدادات الطاقة المستدامة.
كما أن الهيدروجين عنصر شديد التقلب والاشتعال وقد يتطلب اتخاذ احتياطات عالية لتخزينه بشكل آمن ومأمون لمنع تسربه أو انفجاره مثل أنواع الوقود الأخرى.
قبل رُبع قرن من الزمن، وتحديداً في بداية العام الجامعي 1421/1422هـ (2000/2001) وخلال شبابي عملت محاضراً بكليات التقنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة، كنت قد كتبت على نطاق واسع عن حلمي بثورة الهيدروجين القادمة.
وكان ذلك تحت عناوين عده، أطلقت عليها وقتها “عصر الهيدروجين قادم… لا محالة”، و”مستقبل عصر الهيدروجين”، و”الهيدروجين يغذي سيارات المستقبل” و”السيارات الهيدروجينية” في العديد من المجلات العلمية الدورية في كل من السعودية ومصر، وموثق ذلك خصوصاً في مكتبة الملك فهد الوطنية. وبعد كل هذا الوقت، بزغ الفجر وظهرت الحقيقة. لقد أصبحت مشاريع الطاقة النظيفة لسيارات الهيدروجينية … حقيقة لا مفر منها.
أنواع الهيدروجين: تختلف ألوان الهيدروجين المنتج (رمادي/أزرق/أخضر) حسب طريقة الإنتاج ونوع الطاقة المستخدمة في إنتاجه.
ففي الماضي كان الهيدروجين الرمادي الأكثر شيوعاً ويتم إنتاجه باستخدام الوقود الأحفوري مثل الميثان المسمى بالغاز الطبيعي (CH4) أو الفحم (C) دون استخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه. تتضمن هذه العملية استخدام التغويز عالي الحرارة لتحويل الوقود الأحفوري إلى غاز الهيدروجين.
في فصل الجزيئات، يتم احتجاز الهيدروجين (H2) بينما يتم إطلاق حوالي 10 كجم من ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الغلاف الجوي مقابل 1 كجم من الهيدوجين المنتج.
لذلك يعد الهيدروجين الرمادي أكثر أنواع الهيدروجين الثلاثة كثافة من حيث الكربون، حيث ينتج كميات كبيرة من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي أثناء عملية الإنتاج، مما يجعلها طريقة غير صديقة للبيئة. ومع التقدم العلمي ظهر نوعان من الهيدروجين منخفض الكربون (الهيدروجين الأزرق والهيدروجين الأخضر). الهيدروجين الفيروزي (الأزرق فاتح) يُنتج من دخول الميثان إلى مفاعل يتم تسخينه إلى أكثر من 1000 درجة مئوية بمصادر طاقة متجددة.
فيحدث الانحلال الحراري (الانقسام بالحرارة) للميثان، مما ينتج عنه الكربون الصلب أو الفحم والهيدروجين (H2).
مع تكثيف الجهود البحثية في المجلات الصناعية والاقتصادية ذات الصلة، أصبحت بعض دول العالم مهتمة بإنتاج الهيدروجين الأخضر (منخفض الكربون) لأهميته في التحول في مجال الطاقة لمواكبة الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، فقد تم إنتاج الهيدروجين الأخضرعلى مدى السنوات الخمس الماضية باستخدام طرق أحدث صديقة للبيئة، لكنها لا تزال باهظة الثمن وصعبة للغاية…
يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي للماء (كهروكيمائي) إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام أحد مصادر الطاقة المتجددة، حيث لا تنتج هذه العملية أي انبعاثات كربونية أثناء الإنتاج.
والميزة الرئيسية لوقود الهيدروجين الأخضر هي أن المنتج الثانوي الوحيد هو بخار الماء، وليس ثاني أكسيد الكربون كما هو الحال عند استخدام الميثان والفحم، مما يجعله صديقاً للبيئة. ويعيب إنتاج الهيدروجين بشكل عام أنه يتطلب كمية كبيرة من الطاقة لاستخراجه، وبالطبع بتكلفة عالية عند استخدام التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر. لذلك تبرز الفائدة الأساسية للهيدروجين الأزرق أنه ينتج من الغاز الطبيعي كمادة خام أرخص من مصادر الطاقة المتجددة، لذلك يعبر انتاجه أقل تكلفة من الهيدروجين الأخضر. ومن ثم فإن جميع الجهود البحثية تعتبر الآن ضرورة لخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر لكونه الأكثر استحساناً بسبب عملية إنتاجه النظيفة والخالية من الانبعاثات.
وإن كنا نعتقد أن إستراتيجيات الدول الأوروبية تتمنى عدم الإعتماد على الوقود الاحفوري كأبعاد سياسية وأمنية أخرى.
إن المشاريع التنفيذية الحديثة تعتمد أساساً على مفهوم ريادة الأعمال (Entrepreneurship) لكونه واقع ضروري لا مفر منه لنجاح أي مشروع. حيث نشأ مصطلح ريادة الأعمال مع الاحتياج لمشروعات صناعية أو تجارية قائمة. ساهمت ريادة أعمال في تلك المشروعات على نجاحها بإمتياز لكونها تعتمد على أفكار ريادية مبتكرة، حيث اعتمدت في الأصل على قدرات الأفراد المتميزين. أنتشر مفهوم ريادة الأعمال خلال حقبة الثمانينات والتسعينات بمعظم الدول المتقدمة، فأصبح الآن نهج حياة.
لكونة يمزج بين الأرباح والأفكار المبتكرة في مختلف مجالات العمليات الصناعية والتجارية، بالاعتماد على ابتكار وسائل عملية مستحدثة قابلة للتنفيذ بنجاح. لذلك على المستوى التنفيذي، يعتبر إنتاج الهيدروجين الأخضر الآن أحد أهم المشاريع الريادية في العالم. حيث رسمت اليابان مبكراً أهدافاً طموحة لخفض الانبعاثات من 26% إلى 46% قبل العام 2030 لمواجهة الخطة العالمية لتغير المناخ ببلوغ عام 2050 وتوصيات مجلس الهيدروجين العالمي بقدرة الهيدروجين على توفير 18% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول العام 2050. فكانت نتيجة خطط وسيساسات اليابان الطموحة، بناء حقل فوكوشيما لأبحاث الطاقة الهيدروجينية بنهاية عام 2019 (بالقرب من مركز كارثة فوكوشيما النووية، 2011). يضم الحقل محطة للطاقة الشمسية بسعة 20 ميجاواط، حيث إنتاج اليوم الواحد يكفي لتزويد 150 منزل بالكهرباء لمدة شهر. بالإضافة لذلك الحقل ينتج ويخزن ويورد ما يصل إلى 1200 متر3 من الهيدروجين الأخضر في الساعة منذ 2022. في مطلع عام 2024 أطلقت اليابان أول سفنها لنقل الهيدروجين الأخضر المُسال ضمن مشروعها المشترك “سلسلة إمداد الطاقة الهيدروجينية” مع استراليا. بينما على الجانب الآخر، نجحت العديد من دول أوروبا أهمها ألمانيا وفرنسا في تصميم وتصنيع وحدات المحللات الكهربائية للماء بطرق يمكن الإعتماد عليها في انتاج الهيدروجين الأخضر، وجاري العمل على تطويرها. وتماشياً مع توصيات قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي COP 27 التي عقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر 2022. فقد سعت الإمارات العربية والسعودية ومصر إلى اتخاذ خطوات فعالة للتحول إلى نموذج التنمية المستدامة الذي يتوافق مع الجهود الدولية للحفاظ على بيئة نظيفة، ليس فقط لتوفير حياة أفضل لأبنائها وأجيال المستقبل، ولكن أيضاً لإدراكهم أهمية التحول الأخضر وتحقيق التنمية الاقتصادية. كما أن من المرجح كذلك أن يزداد الطلب حول العالم على استخدام الهيدروجين الأخضر مع مطلع عام 2025. لذلك يمكن القول “بالرغم من تزايد المخاوف المتعلقة بالتلوث البيئي محدثاً تغير المناخ على مستوى العالم، إلا أنه يتزايد معها العمل الحثيث نحو إيجاد مصادر غير نمطية للحصول على طاقة نظيفة. لذلك بزغت فكرة عنصر الهيدروجين كمصدر جديد لتشغيل السيارات بدون انبعاثات كربونية ملوثة للبيئة.
ومن أوائل المشاريع الريادية في العالم بعد محطة فوكوشيما اليابانية، يوجد مشاريع أخرى متفرقة في أميركا وإسبانيا. أما من الناحية الاقتصادية فتشارك ألمانيا وفرنسا وإيطاليا بشكل خجول في الأبحاث مع هولندا لإنتاج الهيدروجين الأخضر. حيث تعول أوروبا الآن على دول شمال إفريقيا، وخاصة مصر والمغرب، لتأمين إمدادات الهيدروجين الأخضر. لذا يُعد مشروع AMEA Power العملاق في الإمارات واستثمارتها المشتركة مع بعض دول المنطقة الأكبر على الإطلاق. وكذلك مشروع نيوم العملاق في السعودية، والذي من المتوقع أن ينتج نحو 600 طن يوميا بحلول عام 2026 بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST).
وتتصدر ست دول عربية الآن إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي: الإمارات والمغرب (بتعاون إماراتي)، ومصر (بتعاون إماراتي)، وسلطنة عمان، والسعودية، وقطر، تونس (بتمويل إماراتي مشترك)، والأردن، مرتبة حسب معدلات الإنتاج. تنتج الإمارات العربية المتحدة الآن وبالتعاون مع دول اخرى 25% من الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم، وتقدر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن إنتاج الهيدروجين يجب أن يقفز إلى أكثر من 500 مليون طن بحلول عام 2050 من مستواه الحالي (حوالي مليون طن على الأكثر). وهذا يؤكد أن المنطقة العربية وخصوصاً مصر لديها القدرات لتصبح مصدراً موثوقاً لإنتاج الهيدروجين وتصديره إلى أوروبا والعالم بأقل تكلفة.
ومن المتوقع أن تنخفض تكلفة الإنتاج إلى معدلات مقبولة قد تصل الى 1.2 دولار/كيلوجرام في عام 2050 مقارنة بـ 2.7 دولار/كيلوجرام العام الجاري 2024.
ومن المتوقع أيضاً أن يوفر أكثر من 100 ألف فرصة عمل جديدة، بالإضافة إلى المساهمة في تقليل واردات مصر من المنتجات البترولية وتقليل الانبعاثات الكربونية، وفقاً للبيان الصادر عن مجلس الوزراء.
ليتأكد معه أن إجراء العديد من الدراسات والأبحاث، خفضت تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر نسبياً إلى حد ما خلال السنوات القليلة الماضية، لكن لا نزال بحاجة إلى المزيد من الدراسات لاستكشاف عوامل جديدة لتحقيق المزيد من خفض التكلفة وتسهيل عملية الإنتاج مع تحسين الجودة باستخدام طريقة التحليل الكهربائي للماء.
طرق إنتاج الهيدروجين الأخضر
اعتمد إنتاج الهيدروجين في العقد الماضي على الطرق التقليدية لخلايا التحليل الكهربائي للماء أو أحد الطرق المعروفة الأخرى باستخدام الوقود الأحفوري.
ومع التقدم الأخير، تنوعت طرق إنتاج الهيدروجين الأخضر ليصبح مصدراً مستداماً متوقعاً للطاقة النظيفة. سنقدم هنا بعض أهم التقنيات المتاحة التي ثبت أنها تلعب دوراً حاسماً مؤخراً في إنتاج الهيدروجين الأخضر حول العالم. يوجد الآن طريقتان رئيسيتان، إحداهما تحديث استخدام طريقة التحليل الكهربائي للماء لإنتاج الهيدروجين الأخضر والثانية اكتشاف استخدام تسخين فلاش جول لحصاد الهيدروجين الأخضر.
1. الطريقة الأولى: استخدام التحليل الكهربائي للماء
إن طريقة التحليل الكهربائي للماء هي عملية قديمة نوعا ما، ولكن مع المزيد من البحث والدراسة أصبحت واعدة، حيث تستخدم محلل كهربائي لإنتاج الهيدروجين بطريقة صديقة للبيئة، خاصة إذا كان مصدر الطاقة الكهربائية المستخدم فيها الآن يأتي من مصادر الطاقة المتجددة. تتنوع أنظمة التحليل الكهربائي للماء لإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق تبخير الأكسجين أثناء عملية التحليل. بشكل عام، تتكون خلية التحليل الكهربائي للماء من 3 أجزاء رئيسية: الطرف الموجب يسمى الأنود)، والطرف السالب يسمى الكاثود، والإلكتروليت معبراً عن الوسيط. هناك ثلاثة أنظمة رئيسية: غشاء تبادل البروتون، والقلويات، وأكسيد الصلب. يعمل كل محلل كهربائي للماء بشكل مختلف قليلاً اعتمادًا على المحلل الكهربائي المستخدم في كل نظام.
1.1. نظام التحليل الكهربائي للماء بغشاء تبادل البروتون (PEM):
يقوم هذا النوع من غشاء إلكتروليت البروتون بتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين ليكون أحد أجهزة تحليل الهيدروجين الحديثة. يحتوي المحلل على غشاء إلكتروليت بوليمر صلب موصل للأيونات. نتيجة لتدفق الإلكترونات عبر دائرة خارجية، تمر بروتونات الهيدروجين عبر الغشاء إلى القطب السالب (الكاثود) لتكوين غاز الهيدروجين، ثم تحدث عملية التقاطه وجمعه.
تتكون خلية PEM من أنود وكاثود يفصل بينهما غشاء إلكتروليت بوليمري صلب، مصنوع عادةً من مادة موصلة للبروتون مثل نافيون. نافيون هو اسم تجاري لبوليمر فلورو قائم على رباعي فلورو إيثيلين وسلسلة فلوروكربون مسلفنة، وهو بوليمر أيوني صناعي. يتكون الأنود والكاثود تقليدياً من معادن ثمينة مثل البلاتين، ولكن الجهود جارية لتطوير بدائل أكثر فعالية وأقل تكلفة. عندما يمر تيار كهربائي عبر خلية إلكتروليتية PEM، تحدث التفاعلات التالية عند الأنود والكاثود. عند الأنود، يحدث أكسدة الماء، مما يؤدي إلى إطلاق غاز الأكسجين (O2). تهاجر أيونات الهيدروجين المتكونة (البروتونات) عبر الإلكتروليت إلى الكاثود. عند الكاثود، يحدث اختزال للبروتونات، مما يؤدي إلى إنتاج غاز الهيدروجين (H2). يتم تمثيل التفاعل عند الكاثود. حيث يسمح غشاء إلكتروليت البوليمر الصلب بمرور البروتونات التي هي أيونات هيدروجين (أيونات H+) ولكنه يمنع اختلاط غازي الهيدروجين والأكسجين. يتم فصل الغازات الناتجة بشكل انتقائي ويتم تقليل التداخل، مما يحسن كفاءة إنتاج الهيدروجين.
بفضل الجهود البحثية وبعض التطورات التقنية التي قامت بها جهات عالمية، سعى الباحثون في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلى إنتاج مواد كاثودية جديدة متينة واستخدام نوع من الرغوة المعدنية من صفائح نانومترية ثنائية الأبعاد لسطح قطب الحديد والكوبالت للمحلل الكهربائي من أجل تقليل تكلفة إنتاج الهيدروجين. الرغوة المعدنية هي بنية خلوية مسامية تتكون من مادة معدنية صلبة أو مواد مملوءة بالغاز. وأكد طالب الدكتوراه/ بابار أنه مهتم بهندسة واجهة الفصل الكيمائي، بالاعتماد على مادة كاثودية جديدة تكلف أقل وأداؤها يضاهي تقريباً الأداء المعروف المبني من معدن ثمين. كما اتبع نهجاً كيميائياً بسيطاً وسريعاً وقابلاً للتطوير يعتمد على المواد الكيميائية السائلة، مكن الفريق من تصنيع صفائح رغوة نانومترية ثنائية الأبعاد، واختراع مادة تجمع بين الموصلية الكهربائية العالية وتغطي مساحة سطح كبيرة مع العديد من المواقع النشطة لإنتاج الأكسجين الجزيئي (O2). كما تأكد أيضاً أن هذه المادة متينة جداً، كما لم يُلاحظ أي تدهور في الأداء بعد 50 ساعة متواصلة من التشغيل على الرغم من الأمبير العالي. هذا بلا شك يثبت أن المواد المبتكرة مرشحة بقوة لصنع قطب كهربائي منخفض التكلفة. ويعتقد الدكتور المشرف/ يافوز أن نتائج الجمع الوثيق لعدة مواد نانومترية في مادة واحدة لصنع قطب كهربائي كانت مفاجأة سارة لأنها بداية لنظام مستدام يقوم بعملية فصل المياه بطريقة شاملة، ولا يقتصر على تفاعل توليد الأكسجين فقط. بالإضافة إلى ذلك، يعمل فريق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على تطوير خوارزميات مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي مخصصة لتحسين أداء المحلل الكهربائي. ونظراً لصعوبة توفير المياه النقية في المناطق الصحراوية، يسعى الفريق أيضاً إلى إجراء بحث فريد من نوعه في طرق التحليل الكهربائي المباشر لمياه البحر لتجنب الحاجة إلى تحلية المياه حيث تتميز بما يلي:
– بدء التشغيل السريع والتكيف السريع مع الأحمال المتغيرة
– كفاءة عالية في تشغيل الحمل الجزئي
– درجة حرارة تشغيل منخفضة (من 50 إلى 80 درجة مئوية)، مما يقلل من استخدام المواد باهظة الثمن
– حجم صغير وسهولة التكامل مع أنظمة الطاقة الحالية
في حين يتميز هذا النظام بما يلي:
– حساس للشوائب في الماء، وبالتالي يتطلب معالجة مسبقة للمياه
– عمر خدمة محدود لخلية وقود غشاء تبادل البروتون (حوالي 10000 ساعة تشغيل).
– تكلفة عالية مقارنة بأنظمة التحليل الكهربائي القلوي الأخرى.
2.1 نظام التحليل الكهربائي القلوي (AEL)
يعد المحلل الكهربائي القلوي باستخدام محلول وسط سائل قلوي مثل هيدروكسيد البوتاسيوم (KOH) أحد أجهزة تحليل الهيدروجين. يتم غمر قطبي الأنود (الطرف الموجب) والكاثود (الطرف السالب) في هذا المحلول مع وجود غشاء مسامي يفصل بينهما. عند تطبيق التيار على خلية قلوية، تتحرك أيونات الهيدروكسيد (OH-) عبر محلول الإلكتروليت من الكاثود (الطرف السالب) إلى الأنود (الطرف الموجب) لكل خلية. بعبارة أخرى، عند تطبيق جهد خارجي، تتحرك جزيئات الأكسجين نحو الأنود (الأنود) وجزيئات الهيدروجين الموجبة نحو الكاثود (الكاثود) في شكل فقاعات. يساعد استخدام محلول قلوي ويعزز عملية تفكك الجزيئات. حيث يتم استخدام محلول مائي يحتوي على 25% من هيدروكسيد البوتاسيوم (KOH)، وهو مركب كيميائي غير عضوي قاعدي للغاية يسمى البوتاس الكاوي وتتميزبالتالي:
– تكاليف تشغيل أقل مقارنة بالتحليل الكهربائي بغشاء تبادل البروتون، حيث يتم استخدام مواد وحفازات منخفضة التكلفة.
– أقل حساسية للشوائب وقوي ضد الملوثات في الماء.
– عمر طويل للخلية الكهروكيميائية (حوالي 40000 إلى 80000 ساعة تشغيل).
– متطلبات صيانة منخفضة.
في حين أن هذا النظام معيب بما يلي:
– معدل تفاعل أبطأ مقارنة بالتحليل الكهربائي بغشاء تبادل البروتون.
– درجات حرارة تشغيل أعلى (من 70 إلى 100 درجة مئوية) مما يؤدي إلى استهلاك أعلى للطاقة.
– تكامل أكثر صعوبة مع الأنظمة الحالية بسبب معايير التشغيل المختلفة.
3.1 نظام خلية التحليل الكهربائي للأكسيد الصلب (SOEC):
خلية التحليل الكهربائي للأكسيد الصلب (SOEC) هي محلل هيدروجين عالي الحرارة يستخدم غشاء خزفيًا، على سبيل المثال، لفصل الأنود والكاثود. عندما يتم تسخين الماء حتى يتحول إلى بخار، فإنه ينفصل إلى أكسجين وهيدروجين عند الغشاء الخزفي. تمر جزيئات الأكسجين عبر هذا الغشاء لإعادة التركيب بعده، ولا يترك الهيدروجين هذا الغشاء ويتم جمعه على شكل هيدروجين نقي وتتميز بما يلي:
– كفاءة عالية واستعادة الحرارة بسبب درجات حرارة التشغيل العالية (من 800 إلى 1000 درجة مئوية).
– مرونة في استخدام أنواع مختلفة من الوقود (مثل البخار وثاني أكسيد الكربون).
في حين أن هذا النظام له العيوب التالية:
– يتطلب درجات حرارة تشغيل عالية ومواد باهظة الثمن وعزل حراري خاص.
– بطء التشغيل والتكيف مع الأحمال المتغيرة.
– أبعاد أكبر وتكامل معقد مع الأنظمة.
– خبرة تشغيلية محدودة على نطاق واسع.
حيث نجحت مصر في إنتاج الأمونيا الخضراء باستخدام التحليل الكهربائي للمياه ومصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالتعاون مع شركة فيرتيجلوب الإماراتية وشركة سكاتيك النرويجية في المنطقة الصناعية بالعين السخنة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تم تصدير شحنتها التجريبية إلى شركة توتيكورين الهندية في نوفمبر 2023. ومن المتوقع أن ينتج 15 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً، كمادة خام أولية تستخدم لإنتاج ما يصل إلى 90 ألف طن من الأمونيا سنوياً. كما أعلنت شركة فيرتيجلوب أنها فازت بعقد لتوريد الأمونيا الخضراء من مصر إلى الاتحاد الأوروبي بقيمة 397 مليون يورو، بمعدل ألف يورو للطن، بدءًا من عام 2027 وحتى عام 2033، بالطبع، بعد استكمال اتفاقية الاستثمار بين الشركاء في المشروع.
كما تم الإعلان حديثاً عن اتفاقية جديدة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشروع لمحطتين في مدينة دمياط المصرية باستخدام محلل كهربائي مع الطاقة المتجددة ، تعمل إحداهما بالطاقة الشمسية والأخرى بطاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر لإنتاج 150 ألف طن سنويا من الأمونيا الخضراء التي سيتم استخدامها كوقود نظيف. وعلى الجانب العربي، صدر كتاب لباحثين في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية العام 2024، تضمن الفصل الرابع والعشرين منه أن الهيدروجين تم إنتاجه باستخدام التسخين بالميكروويف مع محفزات فعالة ومنخفضة التكلفة لإنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي لصنع سبائك متوافقة مع المعادن غير النبيلة (على سبيل المثال، على أساس سبائك النحاس) أو سبائك ذات تحميل منخفض من المعادن النبيلة (3.28٪ بالوزن من جسيمات البلاتين النانومترية). بالإضافة إلى ذلك، تعمل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على تطوير تقسيم الماء باستخدام كربونات البولي إيثيلين المشبعة بالطاقة الشمسية بالإضافة إلى مصلحات البلازما الفعالة لتحويل الغاز الطبيعي إلى هيدروجين.
2. الطريقة الثانية: طريقة التسخين الوميضي (FJH) لحصاد الهيدروجين من النفايات البلاستيكية
تعتمد طريقة إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام تقنية التسخين الوميضي على تمرير تيار كهربائي عالي الكثافة عبر مادة معينة كالنفايات البلاستيكية لفترة زمنية قصيرة جداً. يعمل هذا التيار على تسخين المادة بسرعة عالية جداً ودرجة حرارة عالية جداً، مما يجعلها تتحول إلى العناصر الأساسية التي يتم استخراج النفايات البلاستيكية منها. تعتبر هذه الطريقة الأرخص على الإطلاق، مقارنة بإنتاجها من خلال أنظمة التحليل الكهربائي، أو تكلفة إنتاج أنواع أخرى من الهيدروجين الرمادي والأزرق. يتم تحضير النفايات البلاستيكية على شكل قطع صغيرة أو مسحوق. ثم تتم عملية التسخين عن طريق تمرير تيار كهربائي عالي الكثافة عبر المادة في وسط معين (على سبيل المثال، عن طريق رش مادة مسببة للحرارة أو موصلة للكهرباء). يمكن سحق النفايات البلاستيكية أو طحنها وتسخينها إلى درجات حرارة عالية جداً، مما يؤدي إلى تفكك الروابط الكيميائية وتحويلها إلى غازات وسوائل ومواد صلبة يمكن استخدامها. تتميز هذه الطريقة بما يلي:
– كفاءة عالية: التسخين السريع والفعال يقلل من الوقت اللازم لمعالجة النفايات.
– انبعاثات منخفضة: يمكن تقليل انبعاثات الكربون إذا تم استخدام مصادر الطاقة المتجددة للكهرباء.
– قابلة لإعادة التدوير: تنتج العملية مادة خام تسمى الجرافين ثم يتم حصاد الهيدروجين الأخضر. الجرافين هو بنية بلورية سداسية أحادية الطبقة من ذرات الكربون تم اكتشافها في عام 2004. الجرافين عبارة عن ورقة بطول 50 ذرة وعرض ذرة واحدة. يستخدم الجرافين في الصناعات المتقدمة مثل تكنولوجيا المعالجات والمتحكمات الدقيقة (ميكروبرسيسسورز) والخلايا الإلكترونية والموصلات، بينما يستخدم الهيدروجين كوقود خالٍ من التلوث.
ففي أكتوبر 2020، تم الإعلان عن التعاون في جامعة أكسفورد بين باحثين من إنجلترا والصين والمملكة العربية السعودية لتطوير طريقة جديدة لتحويل النفايات البلاستيكية إلى غاز الهيدروجين والكربون الصلب عالي القيمة. تتضمن الطريقة الجديدة استخدام الموجات الدقيقة لتنشيط جزيئات المحفز لـ “نزع” الهيدروجين بشكل فعال من البوليمرات. قام الباحثون بخلط جزيئات النفايات البلاستيكية المطحونة ميكانيكياً مع محفز مصنوع من أكسيد الحديد وأكسيد الألومنيوم (FeAlOx) المحضر بطريقة احتراق حمض الستريك غير المكلفة. أظهر هذا المحفز أداء أفضل من محفزات المعادن الأخرى باهظة الثمن والسامة مثل Ni وCo. بالإضافة إلى ذلك، فإن محفز FeAlOx له مهمتان مختلفان في العملية: أولاً، يعمل كممتص للموجات الدقيقة لتجنب القيود المرتبطة بقدرة الامتصاص المنخفضة للميكروويف للبلاستيك؛ وثانياً، يحفز تحويل البوليمرات إلى منتجات كربونية قيمة. ثم تم تسخين الخليط في الميكروويف، مما أدى إلى إنتاج كمية كبيرة من الهيدروجين وبقايا الكربون القيمة، والتي تبين أن معظمها عبارة عن أنابيب كربون نانومترية. يمكن استخراج أكثر من 97٪ من الهيدروجين في وقت قصير.