رحيل الجبل الهادئ… وداعاً لوالد الشهيد وعالم الأدب الدكتور فريد عبد الظاهر

بقلم: احمد بدوي

في لحظة موجعة اختلط فيها الحزن بالفخر،وامتزجت فيها دموع الفقد بذكريات المجد، ودعت جامعة أسوان ومعها قلوب محبيه وطلابه علماً من أعلامها، وركنًا من أركانها الفكرية والأكاديمية، وأبًا لشهيد جسّد معاني الوطنية والكرامة.رحل عن دنيانا الأستاذ الدكتور فريد عبد الظاهر سعيد، عميد كلية دار العلوم السابق، وعميد كلية الألسن، الذي وضع بصماته في أركان العلم والمعرفة، وسار على درب التضحية حتى آخر يوم في حياته، بعد أن قدم فلذة كبده، الرائد الشهيد عمرو فريد، فداءً لهذا الوطن.

الدكتور فريد عبد الظاهر، ذلك المعلم الذي بدأ حياته في ميادين التربية والتعليم، لم يكن مجرد أستاذ جامعي، بل كان رائدًا ومؤسسًا، حاملاً على عاتقه همّ التنوير وبناء العقول. من مقاعد كلية التربية بجامعة أسيوط بأسوان، انطلق بعزيمته نحو مدارج العلم، لينال الماجستير في الآداب من جامعة جنوب الوادي بسوهاج، ثم الدكتوراه في الآداب من جامعة المنيا. لم يتوقف طموحه عند حدود الشهادة فقط، بل استمر في زرع الأمل والعلم في نفوس الآلاف من طلابه، الذين ما زالوا ينهلون من علمه وسيرته.

كان الفقيد من المساهمين الفاعلين في تأسيس كليتي دار العلوم والألسن بجامعة أسوان، حيث شغل منصب العمادة فيهما، وكان بيته دومًا قبلة للباحثين والدارسين، يفتح بابه وعقله وقلبه لكل من جاء يطلب علماً أو نصيحة أو حتى دعاء.

ولعل أشدّ ما يثقل القلب في وداع هذا العالم الجليل، أنه لم يكن فقط أستاذًا للأدب ومربيًا للأجيال، بل كان والدًا لبطل، الرائد الشهيد عمرو فريد، أحد أبطال القوات المسلحة الذين سطروا بدمائهم الطاهرة أنشودة الدفاع عن الوطن. فكان فخرًا أن يعيش معلّمًا، وكان أعظم الفخر أن يرحل والدًا لشهيد.

اليوم، تفتقده جامعة أسوان، وتبكيه قاعات المحاضرات، وتفتقده مكاتبه التي طالما شهدت جلسات العلم والنقاش. ترحل يا دكتور فريد، ولكنك تظل حاضرًا في عقول تلاميذك، وفي ضمير وطنٍ عرفك مخلصًا، أبًا، ومعلّمًا، وإنسانًا.

رحم الله الفقيد، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وجمعه بابنه الشهيد في جنات الخلود، وجعل علمه صدقة جارية ونورًا لا ينطفئ.وإنا لله وإنا إليه راجعون. رحلت من دار الفناء الي دار البقاء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *