بقلم: أحمد بدوي
رغم المعاناة التي يعيشها شعوب منطقة الشرق الأوسط إلا مازالت منطقة الشرق الأوسط محط أنظار القوى العالمية الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى إلى الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي في هذه البقعة الجغرافية الهامة. ولكن في ظل الأزمات المتتالية والظروف المضطربة التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، تبدو الولايات المتحدة في مهب الريح، وسط تهديدات متزايدة وتحديات خارجية وداخلية تهدد استقرارها ومسلسل الحرائق الملتهب الذي قضي علي العديد من الولايات وجعلها حطاما وفر سكانها من جحيم النيران ورغم الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها تلك الحرائق المستمرة.
تبدأ القصة من التصريحات الصارمة التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والفائز في الانتخابات الأخيرة الذي لا يزال يمثل عاملاً مؤثراً في السياسة الأمريكية. توعد ترامب، في أكثر من مناسبة، بتقديم دعم غير محدود ل”حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط” في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها المنطقة. إلا أن هذه الوعود تثير العديد من الأسئلة حول مدى جدوى هذا الدعم، ومدى تأثيره على السياسة الداخلية والخارجية لأمريكا.
تواجه الولايات المتحدة في الوقت الحالي جملة من الأزمات التي تؤثر بشكل كبير على سياساتها الخارجية. فمن جهة، هناك الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالداخل الأمريكي، من التضخم والبطالة إلى أزمة الديون التي تزداد بشكل مستمر. ومن جهة أخرى، هناك التحديات السياسية التي تأتي من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك تصاعد التوترات مع الصين وروسيا، بالإضافة إلى الأزمات المستمرة في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، قد يبدو أن التوترات الأمريكية في الشرق الأوسط تشكل تحدياً أكبر من أي وقت مضى. فقد أظهرت إدارة ترامب، خلال فترة حكمه، استعداداً كبيراً لاستخدام القوة العسكرية في منطقة الخليج العربي. لكن مع تغيّر المعادلات السياسية حول العالم، يواجه الأمريكيون الآن معضلة صعبة: هل يجب عليهم الاستمرار في تبني سياسات عسكرية عدوانية أم أن الوقت قد حان لإعادة التفكير في استراتيجياتهم؟
لكن المعركة في الشرق الأوسط لا تقتصر على التصريحات والتهديدات، بل هي في جوهرها صراع مستمر على الأرض. الحرب في سوريا ولبنان وفلسطين، على سبيل المثال، لا تزال مشتعلة، بينما تزداد المخاوف من أن تتحول المنطقة إلى نقطة انطلاق لصراعات أكبر قد تشمل قوى دولية أخرى.
ويعكس الوضع الراهن في الشرق الأوسط صورة قاتمة لواقع مرير، حيث تتفشى الحروب الأهلية والصراعات السياسية التي تدمّر البنية التحتية وتؤدي إلى مئات الآلاف من الضحايا،في ظل هذه الظروف، تبدو الولايات المتحدة الأمريكية وكأنها في حالة من الجحيم المستمر، إذ أن الضغوط الاقتصادية والسياسية والكوارث الطبيعية تؤثر على حياة المواطنين بشكل يومي. بل إن هناك تزايداً ملحوظاً في مشاعر الإحباط والخوف من المستقبل لدى الكثيرين، ما يعكس حالة عدم الاستقرار التي تمر بها البلاد.
ويبقى هناك سؤال يطرح نفسه ،هل تستطيع أمريكا مواجهة العاصفة القادمة، أم ستظل في مهب الريح، تعاني من الحرائق المشتعلة في الداخل والخارج؟