الضحية المحترفة: حين يصبح التمثيل سلاحًا

كتبت: دينا سيد نجم الدين

أخصائي إرشاد نفسي وأسري واضطرابات نفسية ومشكلات اضطرابات السلوكية للاطفال والمراهقين

في عالم العلاقات الإنسانية، ليس كل من يبكي مظلوم، وليس كل من يتقن الشكوى يستحق التعاطف. هناك فئة من البشر تُتقن التمثيل لدرجة تُخفي بها حقيقتها وتُقنع الآخرين بأنها الطرف المجروح، رغم أنها في الحقيقة مصدر الأذى ذاته.

ما نتحدث عنه هنا ليس مجرد شخص حساس أو يتألم بسهولة، بل “الضحية المحترفة” الشخص الذي جعل من تمثيل دور المظلوم وسيلة دفاع، وأحيانًا وسيلة هجوم ناعمة لكنها مؤذية.

هؤلاء الأشخاص قد يكونون هم السبب المباشر في إيذائك، في أسوأ لحظات حياتك، ومع ذلك يظهرون أمام الناس بصورة الملاك الطاهر الذي لا يخطئ. يجيدون البكاء في التوقيت المناسب، وخلط الحقائق، والتلاعب بالمشاعر لدرجة تجعلك، أنت الضحية الحقيقية، تقف في موضع الاتهام والدفاع.

من أخطر ما يمارسه “الضحية المحترفة” هو تشويه صورتك.
فحتى لو قررت المواجهة، تجد نفسك في معركة غير متكافئة، لأنك تُحاكم أمام جمهور صامت، اقتنع مسبقًا بالمشهد الذي قدمه الطرف الآخر ببراعة مسرحية. ولو رميته في البحر، كما يُقال، لخرج صارخًا: “أنقذوني، لقد حاول إغراقي!”

لكن مهما طال الزمن، يبقى هناك قانون كوني لا يتغير:
“الحق لا يموت، والزيف لا يدوم.”
فالوقت كفيل بكشف الأقنعة، والمواقف الصعبة كاشفة لا محالة.
قد تنجح الضحية المحترفة في كسب جولة أو اثنتين، لكن دوام التمثيل مستحيل، فالحقيقة تملك نورًا لا يخبو، حتى إن تراكم عليه غبار الشكوك.

لذلك، لا تجهد نفسك في التبرير أمام من لا يريد أن يفهم، ولا تُهدر طاقتك في محاولة إثبات حقيقتك لمن اختار تصديق الكذبة.
كن واثقًا أن الحقيقة، وإن تأخرت، تخرج ناصعة، وأن العدل قد يغفو، لكنه لا يموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *