كتبت: دعاء سيد
الصبر هو زاد المؤمن في رحلته في الدنيا، وسلاحه في مواجهة الأزمات والابتلاءات، إنّه خُلق عظيم دعا إليه الإسلام، وجعل له مكانة رفيعة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، الصبر ليس مجرد تحمل للألم؛ بل هو رضا بقضاء اللِّه -تعالى-، وثقة بأنّ مع العسر يسرًا.
الصبر هو الثبات والاحتمال أمام الشدائد، وعدم الجزع أو التذمر عند المصائب، وقد جعل الإسلام الصبر أساسًا للإيمان، فلا إيمان لمن لا صبر له، يقول اللُّه -تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200)، فالصبر هو مفتاح الفلاح في الدنيا والآخرة، وبه يرتقي المؤمن في مراتب الإيمان.
ذُكر الصبر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، مما يدل على عظيم منزلته، حيث قال اللُّه -تعالى-:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10)، هذا الأجر اللامحدود هو دليل على أن الصبر ليس عبئًا؛ بل بابًا للخير والبركة، وقال -تعالى-:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 155)، والصابرون هم أولئك الذين يستحقون التبشير من اللِّه -عز وجل- بالنصر والفرج.
كما أوضح النبيُّ (ﷺ) في أحاديثه أهمية الصبر وثوابه، حيث قال (ﷺ): “إن عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِيَ فله الرِّضا، ومن سخِطَ فله السُّخطُ” (رواه الترمذي)، فالابتلاء دليل محبة اللّٰه لعبده، والصبر عليه هو مفتاح الفرج والرضا، وقال أيضًا (ﷺ): “ما يُصِيبُ المُسْلِمَ مِن نَصَبٍ، ولَا وَصَبٍ، ولَا هَمٍّ، ولَا حُزْنٍ، ولَا أذًى، ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ” (رواه البخاري)، فالصبر على المصائب ينقي النفس من الذنوب، ويرفع درجات العبد عند اللِّه -سبحانه وتعالى-.
للصبر أنواع منها: الصبر على الطاعات ويتطلب ذلك أداء العبادات بانتظام صبرًا على المشقة، مثل الصلاة والصيام، والصبر عن المعاصي فمقاومة الشهوات والمغريات يحتاج إلى صبر قوي، والصبر على الابتلاءات، تحمل المرض والفقر وفقدان الأحبة، وغيرها من أقدار اللِّه -عز وجل-؛ للفوز بمعية اللِّه -تعالى- حيث قال -تعالى-:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 153)، وزيادة الأجر والثواب كما في قوله -تعالى-:{وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: 96)، والفرج بعد الضيق كما قال النبيُّ (ﷺ): “واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب” (رواه أحمد).
الصبر ليس خيارًا؛ بل هو ضرورة لتحقيق التوازن الروحي والنفسي في الحياة، تذكر دائمًا قوله -تعالى-:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (يوسف: 18)، فهذا الصبر الجميل هو ما يقربك من اللِّه -عز وجل-، ويمهد لك طريق الجنة، فاصبر واحتسب؛ لأنّ ما بعد الصبر إلا الخير والفرج بإذن اللّٰه -سبحانه وتعالى-.