كتبت: دعاء سيد
الحياء من أعظم الأخلاق التيّ دعا الإسلام إلى التحلي بها، فهو زينة النفس وعنوان صلاحها، وسبب للخير في الدنيا والآخرة، وقد وصف النبيُّ (ﷺ) الحياء بأنّه “لا يأتي إلا بخير”، مما يبين أهميته في بناء شخصية المسلم وتعامله مع الآخرين.
الحياء هو انقباض النفس عن القبيح، واجتناب ما يُشين الإنسان أمام اللِّه -عز وجل- أو الناس، وهو خلق يغرس في النفس حُسن التعامل مع اللِّه -سبحانه وتعالى- بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومع الناس بحسن الأدب والاحترام، وقد جعله النبيُّ (ﷺ) شعبة من شعب الإيمان، فقال(ﷺ): “الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان” (رواه البخاري ومسلم).
ورد الحياء في القرآن الكريم بأسلوبٍ ضمني في آياتٍ عديدة منها قوله -تعالى-:{وَلَا يَسْتَحْيِي اللَّهُ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (البقرة: 26)، في هذه الآية يُبيِّن اللُّه -عز وجل- أنّه لا يخجل من ذكر أيّ مثال مهما صغر أو كبر لتحقيق الحكمة، ومن أبرز صور الحياء في القرآن الكريم، قصة ابنتي شعيب -عليه السلام-، حيث قال اللُّه -تعالى-:{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} (القصص: 25)،
وصف الفتاة بأنّها جاءت على استحياءٍ يعكس أدبها وخلقها العالي.
حث النبيُّ (ﷺ) على الحياء بأسلوبٍ واضح وجلي، حيث قال(ﷺ): “إن لكلّ دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء” (رواه ابن ماجه)، كما أنّ النبيَّ (ﷺ) وصف الحياء بأنّه لا ينتج عنه إلا الخير، فقال(ﷺ): “الحياء لا يأتي إلا بخيرٍ” (رواه البخاري ومسلم)، وكان النبيُّ (ﷺ) مثالًا يُحتذى به في الحياء، فقد جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري -رضي اللُّه عنه-: “كان النبيُّ (ﷺ) أشد حياءً من العذراءِ في خدرها” (رواه البخاري ومسلم).
الحياء من اللِّه -عز وجل- هو استشعار عظمة اللّٰه -سبحانه وتعالى- ومراقبته، مما يدفع الإنسان إلى اجتناب المعاصي، يقول النبيُّ (ﷺ): “استحيوا من اللِّه حق الحياء” (رواه الترمذي)، أما الحياء من الناس فهو حفظ الأدب والخلق الرفيع في التعامل مع الآخرين، والحياء من النفس، وهو احترام الإنسان لنفسه بتجنب ما يُخجل أو يُعيب.
الحياء يُعين على الالتزام بالطاعات وترك المعاصي، ويزيد من محبة الناس واحترامهم لصاحب هذا الخلق، ويجلب الخير والبركة في الحياة، ويُبعد الإنسان عن مواطن الذل والهوان، فكيف نغرس الحياء في النفوس؟ يجب علينا تربية الأبناء على الحياء منذ الصغر، والاقتداء بالنبيِّ (ﷺ) وصحابته الكرام في هذا الخلق، وتعظيم مراقبة اللّٰه -تعالى- في كلِّ الأعمال، وأخيرًا قراءة النصوص الشرعية التيّ تحث على الحياء وتُبيِّن فضله.
الحياء خلقٌ عظيمٌ وجزءٌ من إيمان المسلم، لا ينفك عنه في حياته اليومية، وهو مفتاح لكلِّ خير، وسبيل لإرضاء اللِّه -تعالى-، وزينة للنفس البشرية، فلنجعل الحياء جزءًا أصيلًا من أخلاقنا، مقتدين بنبينا (ﷺ)، عاملين بوصاياه، طامعين في رضا اللِّه -عز وجل-.