بقلم: الدكتور محمد حسين
أستاذ الشريعة والقانون جامعة الأزهر
أعلم أن التوفيق هو مفتاح السعادة الأبدية وهادٍ إلى سلوك طريق السعادة، فهو الذي يفتح أقفال القلوب، وهو الباعث المحرك لطلب الاستقامة. ما اتصف به أحدٌ إلا اهتدى وهدى، وما فقده شخصٌ إلا تردى وأردى. وهو عناية إلهية، قال جل ثناؤه: (وما توفيقي إلا بالله). فاسنده سبحانه إليه، فإنه خلق خارج عن كسب العبد، وإنما هو نور يضعه الله في قلب من اصطفاه. فالتوفيق قائدٌ إلى كل فضيلة، وهادٍ إلى كل صفة منجية، وجالبٍ إلى كل خلقٍ راضٍ، يجلو البصائر، ويصلح السرائر، ويخلص الضمائر. فإذا تقرر هذا، فينبغي للعبد.أن يطلب كمال التوفيق من الموفق الواهب الحكيم. ومعنى كمال التوفيق استصحابه للعبد في جميع أحواله: في اعتقاده وخواطره وأسراره وأفعاله. فإن العبد قد يوفق في فعل، وتقع منه المخالفة في فعل آخر في زمن واحد، كمن يصلي ويغتاب، أو يتصدق ويمنّ على من تصدق عليه. فلهذا، ما سأل العبد من مولاه مثل ما سأل كمال التوفيق، فلا تكون منه مخالفة أصلاً. فهو المعبر عنه بالحفظ الإلهي. حفظ الله علينا الأوقات وعصمنا من نتائج الغفلات، إنه جواد بالخيرات.