كتبت: دعاء سيد
أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التيّ تلي يوم النحر (عيد الأضحى)، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وتُعدّ من الأيام الفاضلة في الإسلام وقد ورد في فضلها نصوصٌ قرآنية ونبوية تؤكد أهميتها ومكانتها في شعائر الحج وفي حياة المسلم عمومًا.
سُمِّيت هذه الأيام بـ “أيام التشريق”؛ لأن الناس في الجاهلية كانوا يُشرّقون اللحم، أي يقطعونه ويجففونه تحت الشمس ليبقى صالحًا للأكل أيامًا طويلة، ومع مرور الزمن أصبحت هذه الأيام تعرف بأيام التشريق، وتتميّز بكونها أيام أكل وشرب وذكر للِّه -عز وجل-، ورد في كتاب اللِّه -تعالى- ذكر هذه الأيام في قوله -عز وجل-:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (البقرة:203)، وقد فسّر كثير من العلماء “الأيام المعدودات” بأنها أيام التشريق، وهذا يدل على أنها موضع للذكر والتقرب إلى اللِّه -تعالى-، كما قال النبيُّ (ﷺ):”أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله”
(رواه مسلم)، وفي هذا الحديث يبيّن النبيُّ (ﷺ) أن هذه الأيام ليست أيام صيام أو امتناع؛ بل أيام فرح وشكر للِّه -تعالى- على نعمه خصوصًا بعد إتمام مناسك الحج.
يُسنّ للمسلمين الإكثار من التكبير عقب الصلوات، وهو ما يُعرف بالتكبير المقيد ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، “اللُّه أكبر، اللُّه أكبر، لا إله إلا اللّٰه، واللُّه أكبر، اللُّه أكبر، وللِّه الحمد”، وذبح الهدي والتصدق به لمن كان حاجًا متمتعًا أو قارناً، فإن أيام التشريق هي الأيام التيّ يجوز فيها ذبح الهدي، ورمي الجمرات لحجاج بيت اللّٰه الحرام، فإن رمي الجمرات الكبرى والوسطى والصغرى يتم خلال أيام التشريق وهو من شعائر الحج الأساسية، كما أنه يستحب الإكثار من ذكر اللِّه -تعالى- في هذه الأيام، من تسبيح وتهليل وتكبير وتحميد وشكر على تمام النعمة خاصةً نعمة الحج لمن أداه، أما الصيام فقد نهى النبيُّ (ﷺ) عن صيام أيام التشريق، كما جاء في حديث نُهى فيه عن صيام يومين: “يوم الفطر ويوم الأضحى، وأيام التشريق”؛ لأنها أيام ضيافة إلهية.
إنّ أيام التشريق تُمثّل ختامًا لأعظم أيام السنة، حيث تجتمع فيها عبادة القلب واللسان والجوارح، وهي فرصة عظيمة لشكر اللِّه -تعالى- على ما وفق إليه من الطاعات، سواء كان ذلك في الحج أو في غيره من العبادات في عشر ذي الحجة ويوم النحر، فالمسلم فيها يُظهر الفرح بنعمة اللِّه ويستمر في ذكره والثناء عليه وهو ما يربي النفس على دوام الصلة باللِّه -عز وجل- حتى في أوقات الراحة والاحتفال.
أيام التشريق ليست مجرد امتداد لأيام العيد؛ بل هي أيام عبادة وذكر وشكر وهي محطة إيمانية يتزود فيها المؤمن باليقين والتقوى، ويُظهر فيها الحمد والثناء للِّه الذي هداه للإيمان والعمل الصالح؛ فلنحرص على اغتنام هذه الأيام بما يرضي اللّٰه -تعالى- من ذكر ودعاء وتكبير، ولنجعلها فرصة لتجديد العهد مع اللِّه -عز وجل-، بأنّ نستقيم على طاعته ونُحسن عبادته،{فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} (البقرة:152).