كتبت: دعاء سيد
أول ليلة في رمضان لحظة ننتظرها بشوق كبير، فهي بداية شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، تملأ القلوب بالسكينة وتبدأ النفوس بالاستعداد لرحلة روحانية عظيمة، يغمرها الذكر والتلاوة والصلاة، إنها ليلة تختلف عن غيرها، فهي لحظة انتقالية بين شهر شعبان وشهر الصيام، حيث تتجدد النوايا وتُرفع الأكف بالدعاء، وتفيض العيون بالدموع شوقًا إلى رحمة اللِّه -تعالى-.
يخبرنا النبيُّ (ﷺ) عن فضل أول ليلة من رمضان، فيقول(ﷺ):”إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ.” (رواه الترمذي وابن ماجه)، هذه الليلة تميزت بتصفيد الشياطين وغلق أبواب النيران، وفتح أبواب الجنان، مما يجعلها فرصة عظيمة للبدء في الطاعات بقلوب خاشعة.
قال اللُّه -تعالى-:{شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ} (البقرة: 185)، نزول القرآن الكريم في هذا الشهر المبارك يجعل أول ليلة منه بداية لمسيرة قرآنية عظيمة، حيث يحرص المسلمون على ختمه وتدبر آياته، وفي أول ليلة من رمضان، يسأل المؤمنون اللَّه -سبحانه وتعالى- الرحمة والمغفرة، مستبشرين بحديث النبيِّ (ﷺ):”للصائم عند فطره دعوة لا ترد” (رواه ابن ماجه)، وهذا يجعلها ليلة مثالية للدعاء الصادق والتضرع إلى اللِّه -عز وجل-، فالبدايات الصالحة تمهد لخاتمة مشرقة.
كيف نستقبل أول ليلة من رمضان؟
تجديد النية والإخلاص للِّه -عز وجل-، قال النبيُّ (ﷺ):”إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ” (متفق عليه)، فمن عقد نيته على استغلال رمضان في الطاعة، كتب اللُّه -تعالى- له الأجر العظيم، الصلاة وقيام الليل، فقد كان النبيُّ (ﷺ) يحث على قيام الليل خاصة في رمضان، حيث قال (ﷺ):”مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (متفق عليه)، قراءة القرآن؛ لنقتدي بالسلف الصالح الذين كانوا يختمون القرآن مرارًا في رمضان، فهذا شهر القرآن الذي أنزل فيه، الدعاء والاستغفار؛ لأن اللَّه -سبحانه وتعالى- يعتق في كلِّ ليلة من رمضان عبادًا من النار، فلنكن من الفائزين بهذا الفضل العظيم.
لنبدأ رمضان بقلوب صافية خالية من الضغينة، مقتدين بقول النبيِّ (ﷺ):”لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ” (متفق عليه).
أول ليلة في رمضان هي بوابة الرحمة التيّ يدخل منها المؤمن إلى أيام مباركة مليئة بالخيرات، فمن استقبلها بقلب خاشع وحرص على الطاعات، وأخلص النية للِّه -عز وجل- كانت له بداية موفقة لشهر مليء بالنفحات الإيمانية، فلنحرص جميعًا على أن تكون هذه الليلة نقطة انطلاق نحو مغفرة الذنوب ورفع الدرجات، عسى أن نكون من عتقاء هذا الشهر الكريم.