كتبت: دعاء سيد
العشر الأواخر من رمضان هي خير أيام الشهر الكريم، وهي أيام العتق من النار، حيث يتضاعف الأجر وتتنزل الرحمات، ازداد فيها اجتهاد النبيُّ (ﷺ) وصحابته الكرام في العبادة، ففيها ليلة القدر التيّ هي خيرٌ من ألف شهر، وهي فرصة عظيمة لمن أراد التقرب إلى اللِّه -عز وجل- ونيل مغفرته ورضوانه.
كان النبيُّ (ﷺ) إذا دخلت العشر الأواخر، شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله، كما جاء في الحديث الصحيح عن عائشة -رضى اللُّه عنها-:
“كان النبيُّ (ﷺ) إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله” (متفق عليه)،
وهذا يدل على أهمية الاجتهاد في الطاعات من صلاة وذكر وقراءة القرآن والدعاء، وعدم التفريط في هذه الأيام المباركة، ومن أعظم فضائل العشر الأواخر أنها تحتوي على ليلة القدر، التيّ قال اللُّه -تعالى- عنها:﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ (القدر: 3)، أي أن العبادة فيها تعدل عبادة أكثر من 83 سنة، وهو فضل عظيم لا ينبغي للمؤمن أن يضيعه، وقد أخبر النبيُّ (ﷺ) أن من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، فقال:”من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).
كان النبيُّ (ﷺ) يعتكف في العشر الأواخر، كما روى البخاري عن عائشة -رضى اللُّه عنها-:”كان النبيُّ (ﷺ) يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه اللَّه”، والاعتكاف سنة نبوية تعني التفرغ للعبادة والتأمل، والانقطاع عن مشاغل الدنيا للتقرب من اللِّه -عز وجل-، وفي العشر الأواخر يستجاب الدعاء، خاصة في ليلة القدر، وقد أوصت عائشة -رضى اللُّه عنها- النبيَّ (ﷺ) أن يدلها على دعاء تدعو به، فقال لها:
“قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” (رواه الترمذي)، وهذا يدل على أهمية الإلحاح في الدعاء خلال هذه الأيام المباركة، طلبًا للعفو والمغفرة.
علينا الإكثار من الصلاة والقيام خاصةً في الليل، فقد كان النبيُّ (ﷺ) يصلي حتى تتورم قدماه، قراءة القرآن الكريم فهو شهر القرآن، وينبغي أن نكثر من تلاوته وتدبر معانيه، والصدقة من أعظم القربات، فقد كان النبيُّ (ﷺ) أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، الاجتهاد في الدعاء خاصةً الدعاء المأثور “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، والتحري عن ليلة القدر فهي في الليالي الوترية، وأرجى الليالي لها ليلة السابع والعشرين.
العشر الأواخر من رمضان فرصة عظيمة للتقرب إلى اللِّه -عز وجل-، وهي أيام مليئة بالخير والبركة، ومن يفوز فيها برضوان اللِّه فقد فاز فوزًا عظيمًا، فلنجعلها أيام اجتهاد في العبادة، ولنحرص على قيام ليلة القدر، فهي ليلة خير من ألف شهر.