كتبت: دعاء سيد
يُعَدّ صحيح البخاري من أصحِ الكتب بعد القرآن الكريم، ويعتبره العلماء والمحدثون أصح كتاب في الحديثِ النبوي الشريف، جمعه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، الذي بذل جهدًا عظيمًا في جمعِ وتصنيف الأحاديث النبوية الشريفة.
وُلد الإمام البخاري في مدينة بخارى عام 194 هـ، ونشأ في بيت علمٍ وفضل، بدأ رحلته العلمية في سن مبكرة، حيث رحل إلى العديدِ من البلدان الإسلامية لتحصيل العلم وجمع الأحاديث، تتلمذ على يد كبار العلماء والمحدثين في عصره، واستطاع أنّ يجمع كمًا هائلًا من الأحاديث النبوية الشريفة
اعتمد الإمام البخاري على منهجٍ دقيق وصارم في جمعِ وتصنيف الأحاديث، اشترط لصحةِ الحديث أنّ يكون الراوي عدلًا ضابطًا، وأنّ يكون السند متصلًا بلا انقطاع، وأنّ يكون متن الحديث خاليًا من الشذوذِ والعلة، وقام برحلاتٍ طويلة وشاقة بحثًا عن الأحاديثِ الصحيحة، مما جعله يتأكد من صحةِ كلّ حديث قام بتضمينه في صحيحه
يحتل صحيح البخاري مكانة عظيمة في قلوبِ المسلمين، ويعتبر مرجعًا أساسيًا في الحديث النبوي الشريف، حيث يحتوي على أكثرِ من 7000 حديث، منها المتصلة والمتعلقة بالأحكامِ والآداب والسيرة، وقد أجمع العلماء على صحةِ ما ورد في صحيح البخاري، ووصفوه بأنّه أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
قسم الإمام البخاري صحيحه إلى كتبٍ وأبواب، حيث بدأ بكتاب “بدء الوحي”، ثم تبعه بكتاب “الإيمان”، وتوالت الكتب التي تغطي مختلف جوانب الحياة الإسلامية، وتضمن كل كتاب عدة أبواب، وتحت كل باب سرد الأحاديث المتعلقة بموضوع الباب، وكان لصحيح البخاري تأثير كبير على العلوم الإسلامية، حيث اعتمده الفقهاء والمحدثون كمرجع أساسي في استنباط الأحكام الشرعية، وشرح العلماء صحيح البخاري في كتبٍ كثيرة، منها “فتح الباري” لابن حجر العسقلاني، الذي يُعدّ من أهم شروح صحيح البخاري.
يُعَدّ صحيح البخاري من أعظمِ الكنوز التي تركها لنا علماؤنا السابقون، ويظل مصدرًا هامًا لفهم السنة النبوية الشريفة وتطبيقها في حياتنا اليومية، فالجهد الذي بذله الإمام البخاري في جمع وتصنيف الأحاديث هو عمل جليل يستحق كل التقدير والإشادة، فلنحافظ على هذا التراث العظيم ولنستمر في دراستهِ وفهمه وتعليمه للأجيال القادمة.