كتبت: دعاء سيد
“وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ “(آل عمران:١٤٦) هذه الكلمات القرآنية تحمل في طياتِها عظيم الدروس والتوجيهات، عندما نتأمل قصص الأنبياء نجد أنّ الصبر كان سمةً بارزة في حياتِهم، وكانوا قدوةً في مواجهةِ التحديات والابتلاءات.
بدأت رحلة الصبر مع نوحٍ (عليه السلام)، الذي صبر على دعوتهِ لقومهِ لمدة “تسعمائة وخمسين”عامًا، وهو يعمل على بناءِ سفينة في ظلِّ قلة المؤمنين الذين اتبعوه، كان صبره رمزًا للتفاؤلِ والثقة برحمةِ اللِّه-تعالى-.
إبراهيم (عليه السلام) أيضًا تحلى بالصبرِ، حيثُ واجه تحدياتًا كثيرة منها تركهُ لأهلهِ ومدينتهِ، وقبول قضاء اللّه -تعالى- بتضحيتهِ بابنهِ إسماعيل(عليه السلام)، فصبرهِ لم يكن مجرد تحمل للألم؛ بل كان تفانيًا في الطاعةِ والثقة الكاملة بقضاءِ اللِّه-تعالى-، ومن ثم يأتي يونس (عليه السلام) الذي واجه صعابًا كثيرة على مستوى الرسالة، حيثُ دعا قومه للهدى وصبر على رفضهم، صبر يونس تجلى داخل بطن الحوت؛ حيثُ استغفر اللّه-تعالى- وصبر على الابتلاءِ حتى أخرجه اللّه -تعالى- وأدى رسالته.
وصبر أيوب (عليه السلام) يظهر كرمزٍ للصمودِ والثقة باللِّه-تعالى- في وجهِ البلاء والمحن، رغم ما ألمَّ بهِ من فقدانٍ للصحةِ والمال والأحباء، بقي أيوب صابرًا، مؤمنًا بأن الله هو الشافي والمُعافي؛ حتى كشف اللّه -تعالى- عنه البلاء وشفاه من جميعِ أمراضه وأعاده طبيعيًا، وأعاد لزوجتهِ الشباب إكرامًا لها على إيمانِها وعلى صبرها على ابتلاءِ زوجها، ورزقهم “ستة وعشرين” من الأولادِ إناثًا وذكورًا.
رسول اللّه محمد(ﷺ) كان قدوةً في صبرهِ وتحملهِ للمصاعب، حيث واجه المعاناة والاضطهاد من قومهِ لمدة “عشر سنوات” في بداية دعوته بمكةِ المكرمة، أيضًا بقي صابرًا على الظروفِ الصعبة والأذى الذي لحق بهِ وبأصحابهِ أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة، وفي الغزوات.
أيضًا فقدان أحبائه، مثل: وفاة عمه (أبي طالب) وزوجته (خديجة)-رضى اللّه عنها- وابنه (إبراهيم) فعلى الرغم من كل هذه المحن؛ بقي صابرًا ثابتًا، ويُعتبر صبره مصدر إلهام وتحفيز للتمسكِ بقيمِ الإيمان والصمود في سبيلِ اللّه-عز وجل-.
وهنا، يظهر صبر الأنبياء كمدرسةٍ تُعلم الإنسان في كلِّ زمانٍ ومكان، فالصبر ليس مجرد تحمل للصعوباتِ؛ بل هو تجسيد للثقةِ بقضاءِ اللّه-عز وجل- وركيزة أساسية لتطورِ الروح وقوة النفس، ومن خلالِ فهم قصص الأنبياء يمكننا أنّ نستلهم القوة والصمود في وجه التحديات؛ وبالتالي نلقىٰ حب اللّه -تعالى- ورضاه.