مشرحة أبو تشت الإهمال يقتل بعد الموت

بقلم / احمد بدوي 

في قرية العركي بقنا، لم تقتصر مأساة أهالي الفقيد على فقدان أحبائهم بفعل جريمة سطو مسلح، بل امتدت لتصبح جريمة مضاعفة ترتكبها منظومة الصحة نفسها. مشرحة أبو تشت، المفترض أنها ملاذ يكرم الميت ويحفظ كرامته، كانت صدمة إضافية تضاف إلى وجع الأسرة والمجتمع والاهالي في لحظة ارتسمت علامات الحزن والاستفهام والاستغراب .

حين وصل أهالي الفقيد إلى المشرحة، توقعوا أن يجدوا مكانا يليق بحرمة الإنسان، لكنهم وجدوا غرفة باردة، خاويه، خالية من المياه، والأدوات الطبية الأساسية، ومهجورة من أي شعور بالمسؤولية. المبنى غير مؤهل، والمرء يظن أنه أمام فضاء مهجور أكثر من كونه مرفقًا صحيًا.

هذه المهزلة ليست مجرد خطأ أو نقص أدوات، بل إهانة رسمية للإنسانية وللأسرة المكلومة. ويدور السؤال بحدة: أين وزارة الصحة؟ أين محافظ قنا من هذا الإهمال الصارخ؟ أين مديرية الصحة في قنا؟ كيف يُترك مرفق يخدم آلاف المواطنين بهذا الشكل المهين؟

إن استمرار الوضع الحالي يجعل المشرحة رمزًا للفشل الإداري والإهمال المؤسسي، لا مجرد مكان طبي.المواطن لا يحتاج إلى وعود فارغة، بل إلى إجراءات ملموسة، مياه لغسل الموتى، تجهيزات صحية، طاقم مختص، ومتابعة مستمرة، أو على الأقل إعلان رسمي بإغلاق المشرحة لحين إصلاحها.

الأمر لا يتعلق فقط بالموتى، بل بالإنسانية نفسها. الإهانة بعد الموت تزيد من صدمة الفقد، وتكشف ضعف الضمير المؤسسي الذي يفترض أن يحمي كرامة البشر أحياءً وأمواتًا.

الرسالة واضحة، المواطن له كرامة، ودفن بالموتى واجب، والمشرحة يجب أن تصبح مكانًا للرحمة لا للمهانة. فالموت حق والإهانة جريمة لا تغتفر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *