كتبت: دينا سيد نجم الدين
تمر فترة المراهقة على الأبناء وكأنها اختبار مزدوج، اختبار لهم ليعرفوا أنفسهم، واختبار لوالديهم ليثبتوا قدرتهم على الاحتواء والصبر.
الولد المراهق، تحديدًا، يعيش مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الرغبة في الاستقلال مع الخوف من الرفض، وبينهما يقف الأهل في حيرة: كيف نقترب دون أن نضغط؟ وكيف نوجّه دون أن نفرض؟
الحقيقة أن أول خطوة لصداقة ابنك المراهق هي الاستماع لا السيطرة.
المراهق لا يبحث عمن يلقنه النصائح، بل عمن يفهم ما بداخله دون أن يدينه.
عندما يشعر أنك تسمعينه حقًا، لا تتجسسين عليه، ولا تسخرين من مخاوفه، يبدأ ببطء في فتح أبوابه لك.
ثانيًا، عامليه كشاب في طور النضج، لا كطفل.
امنحيه فرصة ليشارك في القرارات الصغيرة داخل الأسرة، واثقي في قدرته على تحمل المسؤولية. هذه المشاركة تعلّمه أن يكون رجلًا حقيقيًا، وتشجّعه على احترام آرائك بدلاً من مقاومتها.
كما أن اختيار التوقيت المناسب للحوار أمر بالغ الأهمية.
لا تتحدثي معه أثناء الغضب أو التوتر، بل اختاري لحظات الهدوء؛ أثناء وجبة مشتركة، أو أثناء المشي معًا، أو في طريقكما لأي مكان. تلك اللحظات العابرة تصنع أقوى الروابط.
ولا تنسي أن الخصوصية ليست رفاهية في حياة المراهق، بل ضرورة.
احترامك لمساحته الخاصة يجعله يحترم حدودك أيضًا.
فهو لن يتعلم احترام الآخرين إن لم يُحترم أولًا داخل بيته.
وأخيرًا، لا تهملي التعبير عن الحب والفخر.
كلمة بسيطة مثل: “أنا فخورة بيك” أو “بحب طريقتك في التفكير” تصنع بداخله شعورًا بالأمان والثقة، لا يوازيه أي عقاب أو توجيه صارم.
إن صداقة الأم لابنها المراهق لا تعني التنازل عن دورها التربوي، بل تطويره، هي علاقة ناضجة مبنية على الثقة، الحوار، والاحترام المتبادل، فكلما شعر ابنك أنك بجانبه، لا فوقه، اختارك قلبه قبل كلماته.