بقلم : علاء خليفة
خبير التسويق السياحي الدولي
المتحف المصري الكبير (GEM) ليس مجرد مشروع ثقافي ضخم بل هو أيقونة سياحية عالمية ينتظرها العالم منذ سنوات.
يقع المتحف المصري الكبير على أعتاب هضبة أهرامات الجيزة أهم وأشهر آثار العالم ويُعد أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة بل أهم حضارة عرفها العالم وهي الحضارة المصرية القديمة التي لا تزال لغز محير للعلماء والمتخصصين.
والمتحف المصري الكبير مستعد لمفاجأة العالم أجمع بما يحويه من مقتنيات فريدة على رأسها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون ومقتنيات فريدة أخرى ستبهر بها مصر زائريها بعد الإفتتاح ان شاء الله.
منذ فترة ونحن نعيش مرحلة الافتتاح التجريبي الذي بدأ منذ عدة أشهر، نتجه نحو الافتتاح الكامل في نوفمبر القادم، وهو حدث لن يكون فقط احتفالية محلية أو إقليمية، بل علامة فارقة على خريطة السياحة العالمية.
من هنا تأتي أهمية إعداد خطة تسويقية مدروسة تمتد لعام كامل، تستند إلى العلم النفسي في التسويق، هندسة الرسائل، واستراتيجيات الوجهات السياحية العالمية، بهدف جعل GEM منارة لعلم المصريات ومركزًا ثقافيًا عالميًا، وجذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم.
الرؤية:
الرؤية التسويقية للمتحف المصري الكبير تتمثل في:
•التحول إلى الوجهة الثقافية الأولى في الشرق الأوسط خلال عام واحد من الافتتاح الكامل.
•تعزيز GEM كمرجعية لعلم المصريات عالميًا عبر برامج بحثية وأكاديمية.
•الربط بين التراث والحداثة من خلال تسويق تجارب متكاملة تشمل التكنولوجيا، التعليم، الترفيه، والتجارة الثقافية.
•تقديم تجربة زائر شمولية تبدأ من لحظة التخطيط للرحلة وتنتهي بذكريات محفورة في الوعي، ما يعزز الولاء والزيارات المتكررة.
مقترح خطه من مراحل الأربع لمذه (12 شهرًا)لتسويق المتحف
المرحلة الأولى: التمهيد والتشويق (من يناير إلى مارس)
الهدف: الاستفادة من الافتتاح التجريبي لتثبيت المتحف في وعي الزائر المحلي والدولي.
التكتيكات:
•حملات محلية قوية تستهدف الأسر المصرية والجامعات لتعريفهم بالمقتنيات المتاحة حاليًا.
•حملات رقمية دولية محدودة تركّز على فكرة “ما هو مفتوح الآن؟” لإدارة توقعات الزوار بشفافية.
•برنامج المدارس: تخصيص رحلات تعليمية مدعومة بكتيبات وأنشطة للأطفال.
•“قطعة من المتحف”: نشر أسبوعي على وسائل التواصل يشرح قصة أثر محدد بلغة بسيطة وجذابة.
•بناء قاعدة بيانات CRM: عبر Lead Generation للمهتمين بالسفر إلى القاهرة.
النتائج المتوقعة:
• 150 ألف زائر خلال 3 أشهر.
• قاعدة بيانات أولية تضم ١٥٠ ألف بريد إلكتروني مهتم بالمتحف.
•إدراج GEM في برامج الرحلات المحلية للمدارس والجامعات.
٢- المرحلة الثانية: التوسع وبناء الثقة (من منتصف اغسطس إلى نهايه سبتنمبر )
الهدف: تعظيم موسم الصيف السياحي، وجذب الأسواق الإقليمية.
التكتيكات:
• حملة خليجية إعلانية بعنوان: “رحلة حضارية لك ولعائلتك” تستهدف السعودية والإمارات والكويت وقطر.
• إطلاق “GEM Nights” كمنتج ليلي راقٍ يجمع بين الموسيقى والإضاءة وقصص علم المصريات.
• شراكات مع شركات الطيران والفنادق لتضمين GEM كباقة توقف (Stopover) لزوار الترانزيت في القاهرة.
• محتوى “خلف الكواليس” لورش الترميم لجذب الفضول العلمي والاهتمام الأكاديمي.
• دمج GEM مع زيارة الأهرامات عبر باقات موحّدة ونقل كهربائي منظم.
النتائج المتوقعة:
• 250 ألف زائر إضافي من الخليج .
•5 أمسيات GEM Nights بنجاح تشغيل كامل.
• تغطية إعلامية إقليمية وعالمية واسعة.
المرحلة الثالثة: العد التنازلي (من نهايه سبتمبر إلى نهايه أكتوبر)
الهدف: خلق زخم عالمي للحدث الأبرز في نوفمبر: الافتتاح الكامل.
التكتيكات:
• حملة “٣٠ قطعة – ٣٠ يومًا”: نشر يومي على المنصات الرقمية يسلط الضوء على قطعة أثرية واحدة حتى يوم الافتتاح.
• إعلانات ضخمة في مطارات ومراكز عالمية (دبي – باريس – نيويورك – لندن).
• دعوة إعلاميين عالميين ومؤثرين متخصصين في السفر والثقافة لتجربة ما قبل الافتتاح.
• إطلاق العضويات (Friends of GEM): بثلاث فئات (فضية – ذهبية – بلاتينية) تمنح مزايا حصرية.
• مؤتمر دولي مصغر لعلم المصريات يسبق الافتتاح لربط المتحف بالبحث العلمي.
النتائج المتوقعة:
• 80% من تذاكر الافتتاح الكامل محجوزة مقدمًا.
• علي الاقل ١٠ آلاف – ٤٠ الف عضو مسجل في برنامج العضوية الخاصه بالمتحف.
• ٤٠- ١٠٠ تغطية إعلامية دولية كبرى.
المرحلة الرابعة: الافتتاح الكامل والتثبيت ( بعد الإفتتاح من الافتتاح في نوفمبر إلى التثبيت الكامل في يناير)
الهدف: تثبيت GEM كمنارة ثقافية عالمية ومقصد رئيسي للسياحة الدولية.
التكتيكات:
• حفل افتتاح عالمي في نوفمبر بحضور قادة دول وشخصيات ثقافية.
• بث مباشر عبر قنوات عالمية (BBC – National Geographic – Discovery).
• إطلاق “أسبوع علم المصريات الدولي” كمؤتمر سنوي يجمع الباحثين والطلاب من أنحاء العالم.
• حملات “زور GEM في الشتاء” تستهدف أوروبا وأمريكا الشمالية كسياحة شتوية.
• إطلاق برامج تعليمية رقمية للأطفال والكبار على الموقع الرسمي.
• التعاون مع فنانين عالميين لإنتاج أعمال معاصرة مستوحاة من التراث المصري تعرض في المتحف.
النتائج المتوقعة:
• مليون زائر خلال أول 3 أشهر بعد الافتتاح الكامل.
• 20 ألف عضو نشط في برنامج “Friends of GEM”.
• إدراج GEM ضمن قائمة “Top 5 متاحف في العالم يجب زيارتها” على TripAdvisor وCondé Nast وغيرهم
أدوات وركائز خطه التسويق
1. التسويق الرقمي:
•تحسين الظهور على محركات البحث (SEO).علي موقع المتحف
• حملات إعلانات على فيسبوك/إنستغرام/تيك توك وسنابشات للخليج.
• فيديوهات قصيرة (Reels & Shorts) تركز على “التجربة الثريه” لا “المبنى”.
2. العلاقات العامة:
• تغطية إعلامية موجهة لقنوات السفر والثقافة.
• قصص إنسانية عن المرممين والعلماء المصريين.
• بناء “صورة ذهنية إيجابية” أن GEM ليس مجرد متحف بل رحلة معرفية.
3. الشراكات:
• شركات طيران (مصر للطيران – طيران الإمارات – الخطوط السعودية).
• فنادق كبرى بالقاهرة والجيزة.
• شركات سياحة عالمية (TUI – Thomas Cook).
4. تجربة الزائر:
• مسارات واضحة ومترجمة بعدة لغات.
• تطبيق للهواتف يقدم جولات تفاعلية وواقع معزز (AR).
• أنشطة عائلية ومرافق متكاملة (مقاهي، مطاعم، متجر هدايا).
5. برامج الولاء والعضويات:
• خصومات، دخول سريع، دعوات حصرية للفعاليات.
• تخصيص محتوى خاص للأعضاء عبر البريد الإلكتروني والتطبيق.
مؤشرات النجاح للحمله (KPIs)
• عدد الزوار: 1.5 – 2 مليون زائر خلال العام الأول.
• العضويات: 20 ألف عضو في “Friends of GEM”.
• التغطية الإعلامية: 500 مادة إعلامية دولية.
•الدور التعليمي : 30 ألف طالب زاروا GEM عبر برامج المدارس.
• التأثير الرقمي: 100 مليون مشاهدة محتوى عبر المنصات.
•رضا الزوار: معدل NPS أعلى من +60.
: توصيات اضافيه للوزارات لتعظيم أثر GEM
1. GEM استخدام
كأداة دبلوماسية ثقافيه
• المعارض الدولية المتنقلة: تنظيم معارض مؤقتة لقطع مختارة (فقط نسخ طبق الأصل + قطع صغيرة) تجوب عواصم العالم مع شعار GEM، لتعزيز التسويق المسبق.
• دبلوماسية الثقافة: دعوة قادة العالم لفعاليات GEM الخاصة، ليصبح المتحف منصة للقاءات رفيعة المستوى بين مصر وشركائها الدوليين.
• عام “مصر في الخارج”: ربط افتتاح GEM بحملات ثقافية في السفارات والمراكز الثقافية المصرية حول العالم.
2. ربط GEM باستراتيجية السياحة الوطنية
• تكامل مع الأهرامات: إدماج GEM في باقات موحدة مع هضبة الجيزة، مع تحسين البنية التحتية للنقل والمرور.
• دمج GEM مع السياحة المتخصصة: مثل سياحة المؤتمرات (MICE)، وسياحة التعليم (Study Tours)، وسياحة العائلات.
• برنامج “إجازة مع الحضارة”: حزم سياحية تستهدف المصريين بالخارج (الشتات المصري) وتشمل GEM كعنصر رئيسي.
3. دعم البحث والابتكار
• إنشاء “مركز عالمي لعلم المصريات” داخل GEM: ليكون مرجعًا دوليًا للأبحاث، بمكتبة رقمية مفتوحة للباحثين حول العالم.
• شراكات مع الجامعات العالمية: مثل Harvard, Oxford, Sorbonne، لاستضافة برامج تبادل أكاديمي وزمالات بحثية قصيرة.
• التكنولوجيا والابتكار: الاستثمار في الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) داخل المتحف لجذب الجيل الجديد من الزوار.
4. تعظيم الأثر الاقتصادي
• تشجيع الاستثمار الخاص: عبر منح حقوق امتياز لمطاعم ومقاهي ومتاجر عالمية بجوار GEM.
• تسويق المنتجات الثقافية المصرية: من خلال متجر GEM، بما يعزز صادرات “الهدايا السياحية” المصرية.
• ربط GEM بالاقتصاد الإبداعي: دعم الفنانين والمصممين المصريين لإنتاج أعمال مستوحاة من الحضارة المصرية لعرضها وبيعها عبر المتحف.
5. تعزيز العلامة الوطنية “Discover Egypt”
• حملة عالمية متكاملة: “Come to Egypt… Discover GEM” لتكون رسالة التسويق الرئيسية للسياحة المصرية لعام الافتتاح.
• ربط GEM مع الأحداث الكبرى: مثل مؤتمر المناخ القادم أو القمم الاقتصادية الدولية المنعقدة في مصر، ليكون واجهة الاستقبال الرسمية للوفود.
• بناء منصة رقمية رسمية: تحتوي على محتوى متعدد اللغات (عربي، إنجليزي، فرنسي، صيني، ياباني، إسباني) تقدم تجربة افتراضية كامله للمتحف.
في النهايه ، المتحف المصري الكبير ليس فقط مشروعًا معماريًا أو صرحًا ثقافيًا، بل هو أداة استراتيجية لمصر لتثبيت مكانتها في السياحة العالمية.
فقط خطة تسويقية تمتد على مدار عام كامل، تبدأ بالتمهيد عبر الافتتاح التجريبي، وتتصاعد حتى لحظة الافتتاح الكامل في نوفمبر، ثم تستمر في تثبيت المكانة عالميًا، يمكن بعدها لـ GEM أن يتحول إلى أيقونة ثقافية وعلمية تُعيد رسم صورة مصر في العالم: بلد الحضارة، وموطن السياحة الثقافية المستدامة.
في رايي إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي ضخم، بل هو فرصة استراتيجية لمصر لتعزيز قوتها الناعمة، وجذب ملايين الزوار، وجعل السياحة الثقافية أداة مباشرة لدعم الاقتصاد الوطني.
بتطبيق هذه التوصيات، يمكن للحكومة المصرية أن تجعل من GEM مركزًا عالميًا للدبلوماسية الثقافية والاقتصاد الإبداعي، وأن تضع مصر في مقدمة الدول التي نجحت في استخدام الثقافة والتراث كركيزة للتنمية المستدامة وجذب الاستثمارات والسياحة.