بقلم/ أحمد بدوي
في فصل جديد من فصول الهيمنة وازدواجية المعايير، أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على تصعيد عدواني خطير ضد إيران، في خطوة تؤكد أن واشنطن لا تزال تُصر على أن تلعب دور الشرطي الفوضوي في الشرق الأوسط، تُشعل الحرائق ثم تتباكى على الدمار.
الضربة الأخيرة التي استهدفت مواقع إيرانية تحت ذرائع “أمنية” بالية ليست سوى امتداد لنهج أمريكي قائم على فرض الهيمنة بالقوة، دون احترام للقانون الدولي، أو سيادة الدول، أو حتى أبسط قيم العدالة والإنصاف. فكيف يمكن لدولة تدّعي الدفاع عن “حقوق الإنسان” أن تمطر أرضًا ذات سيادة بالصواريخ؟ بل كيف تسمح لنفسها بأن تكون الحكم والجلاد في آنٍ واحد؟
منذ عقود، لم تعرف منطقة الشرق الأوسط طعم الاستقرار، والسبب الأكبر والأوضح هو التدخلات الأمريكية المتكررة، سواء عبر الغزو المباشر كما حصل في العراق، أو الحصار الاقتصادي كما في سوريا وإيران، أو عبر دعم أنظمة وقوى لا تعبأ إلا بمصالحها الضيقة. وكل مرة، تأتي واشنطن محمّلة بشعارات زائفة منها نشر الديمقراطية، محاربة الإرهاب، حماية الحلفاء، وكلها مسميات براقة تخفي خلفها أطماعًا اقتصادية وجيوسياسية واضحة.
أما العدوان على إيران، فهو ليس إلا رسالة ترهيب جديدة، تريد من خلالها واشنطن أن تقول للعالم إنها لا تزال اللاعب الأوحد، وأن أي دولة تجرؤ على انتهاج سياسة مستقلة ستُعاقب. لكن هذه الرسائل، مهما كانت نيرانها حارقة، لم تعد تُرهب أحدًا. فقد تغيّرت موازين القوى، وتبدّلت المعادلات، والمنطقة لم تعد ساحة مستباحة كما كانت.
لقد آن الأوان ليُرفع الصوت عاليًا ضد هذه السياسات العدوانية التي لا تجلب سوى الخراب. وآن للعالم، خصوصًا دول الإقليم، أن تخرج من عباءة الصمت، وتُدافع عن كرامتها وسيادتها، لا أن تكتفي بدور المتفرّج أو الوسيط الخائف.
الشرق الأوسط لا يحتاج مزيدًا من الدمار، بل يحتاج احترامًا لإرادة شعوبه، ووقفًا لتلك اليد الأميركية التي لا تتردد في إشعال الحرائق حيثما شاءت، ثم تدّعي أنها تُطفئها.