بقلم: معاذ رضوان
يداوي الطبيب الجراح، ويشفي المريض، ويمنح الأمل لمن فقدوه. إنه رسول الرحمة الذي يحمل في يديه حياة الناس، ويزرع الطمأنينة في قلوبهم. يشبه الملائكة في حنانه ورقته، ويتجاوز حدود العلم ليصل إلى عمق الإنسانية.
فالدواء وحده لا يكفي، بل يحتاج المريض إلى لمسة قلب دافئة، وكلمة طيبة تشفي الروح قبل الجسد. الطبيب ليس مجرد مهنة، بل هو رسالة أمل وسكينة في زمن الخوف.
في ابتسامته بشائر شفاء، وفي وجوده طمأنينة لا تُقهر. يهب حياته للآخرين، ليكون ملجأً للتائهين في دروب الألم. إنه ملاك يمشي بيننا، يجمع بين العلم والرحمة، ويرسم أجمل لوحات الإنسانية.
وفي كل مساء، حين يعود الطبيب إلى بيته بعد يومٍ طويل من العطاء، يحمل في قلبه هموم المرضى وآمالهم. لا يكلّ ولا يملّ، بل يستعد ليوم جديد، بروح متجددة وعزيمة لا تلين. التعب بالنسبة له ليس عائقًا، بل جزء من الرحلة التي اختارها بحب وإخلاص.
إنه مثال حيّ للتضحية الإنسانية، التي يحتاجها مجتمعنا اليوم أكثر من أي وقت مضى. الطبيب هو من يمسك بيد الضعيف، ويواسي الحزين، ويقف سدًّا منيعًا في وجه الألم والمعاناة.
هو من لا تغلبه المحن، ولا تنكسر روحه، ولا تغيب إنسانيته رغم كل الضغوط.
في زحمة الحياة وتقلّب الأيام، يبقى الطبيب نبراسًا من نور، يحمل في يديه العلم، وفي قلبه الرحمة، وفي عينيه سهر لا ينام. هو من اختار أن يسهر ليرتاح غيره، وأن يتألم ليبتسم الآخرون.
فالطبيب لا يُقاس بعدد الوصفات أو العمليات، بل بعدد الأرواح التي أنقذها، والقلوب التي طمأنها، والأمهات اللاتي نمن مطمئنات لأن أبناءهن بين يديه.
حين يدخل الطبيب غرفة المريض، لا يحمل بيده السماعة فقط، بل يحمل الأمل. يكفي أن يقول كلمة صادقة، أو أن يضع يده بلطف على كتف مريض، حتى يبدأ الألم بالانحسار.
ما أعظم هذا الإنسان الذي يواجه الحياة والموت كل يوم، ويظل ثابتًا، مبتسمًا. ما أصدق قلبه، وهو يقترب من الخطر لا ليهرب منه، بل ليحاربه نيابةً عن الآخرين.
أجمل ما في الطبيب أنه يعالج الجميع بلا تمييز. لا يسأل عن دين أو لون أو لغة، فالجسد واحد، والرحمة لا تحتاج ترجمة.