الثبات على الطاعة بعد شهر الرحمة

كتبت: دعاء سيد

رمضان هو شهر الرحمه والطاعه والتقرب إلى اللِّه -عز وجل-، حيث يحرص المسلم على أداء العبادات من صيام وقيام وقراءة القرآن والذكر، ولكن السؤال الأهم ماذا بعد رمضان؟ هل يستمر المسلم على ما كان عليه أم يعود إلى ما كان عليه قبل رمضان؟

من علامات قبول الأعمال في رمضان أن تستمر بعده، فمن عبد اللّٰه في رمضان فقط، فإنه لم يحقق معنى العبودية الحقيقية، فاللُّه -سبحانه وتعالى- يقول:﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ (الحجر: 99)، فالمسلم مأمور بعبادة اللِّه في كلِّ وقت وليس في رمضان فقط، والاستمرار في الطاعات بعد رمضان دليل على أن الإيمان قد ازداد، فقد قال النبيُّ (ﷺ): “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” (رواه البخاري ومسلم)، ومن الأعمال التيّ يمكن للمسلم أن يثبت عليها بعد رمضان، الصيام فمن المستحب صيام ستة أيام من شوال، كما جاء في الحديث الشريف: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر” (رواه مسلم)، والقيام فقيام الليل لا يقتصر على رمضان؛ بل هو من العبادات العظيمة، وقد قال النبيُّ (ﷺ): “عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم” (رواه الترمذي)، والقرآن الكريم فكان الصحابة يداومون على تلاوة القرآن بعد رمضان، فقد قال اللُّه -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (فاطر: 29)، وأخيرًا الاستغفار والذكر فالذكر حياة القلوب، وقد أمرنا اللُّه -تعالى- بالإكثار منه: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ (البقرة: 152).

من المحزن أن يكون البعض مقبلًا على الطاعات في رمضان، ثم يعود بعدها إلى الغفلة، وكأن العبادة كانت مرتبطة بشهر معين فقط، وقد قال النبيُّ (ﷺ): “إن لكل عمل شِرَّة، ولكل شِرَّة فَتْرَة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك” (رواه أحمد)؛ لذلك يجب أن يكون المسلم بعد رمضان أفضل مما كان عليه قبله، وأن يحافظ على روحانية الشهر الكريم، ويجعل رمضان نقطة انطلاق لحياة إيمانية جديدة، ومن أهم ما يحتاجه المسلم بعد رمضان أن يسأل اللَّه القبول والثبات، فقد كان السلف يدعون اللَّه ستة أشهر بعد رمضان أن يتقبل منهم، كما قال اللُّه -تعالى-:﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
(البقرة: 127).

رمضان مدرسة إيمانية عظيمة، ومن وفقه اللُّه -سبحانه وتعالى- للثبات بعده فقد نال خيرًا عظيمًا، فليجعل كلّ مسلم رمضان بداية جديدة وليحرص على دوام الطاعة، فإن اللَّه يحب العبد الذي يعبده في كلِّ وقت، لا في رمضان فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *