القلق وإستبدال الأفكار

بقلم: الدكتور تيسير حسون

طبيب نفسي

العقل كما كل شيء في الحياة، لا يقبل الفراغ، محاولاتنا لمحو فكرة أو إسكاتها ببساطة ليست طريقة فعالة. مثلا، إذا طلبت منك عدم التفكير في الأفيال الوردية، فإن صورة الأفيال الوردية ستقفز إلى ذهنك حتى لو لم تكن تفكر فيها طوال اليوم. وكلما حاولت بجهد وبشدة التوقف عن التفكير في الأفيال الوردية، زاد تفكيرك بها. إذا كان لديك ميل نحو الوسواس، فربما تكون معتادا على هذا النمط. إن محو فكرة عن طريق تذكير نفسك باستمرار بعدم التفكير فيها (وبالتالي التفكير فيها) ينشط الدارات التي تخزن هذا الفكرة ما يجعلها أقوى.

قد ننجح في مقاطعة فكرة من خلال القول لأنفسنا “توقف!” هذه التقنية تسمى توقيف الفكرة. لكن الخطوة التالية هي الحاسمة. إذا استبدلنا الفكرة التي توقفنا عنها بفكرة مختلفة، من المرجح أن نبعد الفكرة الأولى عن عقلنا.. ما العمل؟
لنفترض أنك تعمل في حديقتك ولا تزال تشعر بالقلق من أنك ستواجه ثعبانا في أي لحظة. قل لنفسك “توقف!” ثم ابدأ في التفكير في شيء آخر: أغنية تحبها، وأسماء الزهور التي تنوي زرعها في حديقتك، وأفكارك عن هدية ستتلقاها في عيد ميلادك، أي شيء آسر وممتع. من خلال استبدال الفكرة المثيرة للقلق بشيء آخر يشغل عقلك، ستزيد من احتمال عدم عودتك إلى هذا الفكرة.

لذلك لا تمسح، بل استبدل! هي أفضل طريقة للتعامل مع الأفكار المثيرة للقلق لأن العقل كما كل شيء في الحياة، لا يقبل الفراغ. إذا لاحظت أنك تفكر في شيء مثل: “لا يمكنني التعامل مع هذا”، ركز على استبدال هذه الفكرة بفكرة تكيفية، مثل: “هذا ليس بالأمر السهل، لكنني سأتجاوز الأمر”. من خلال تكرار الفكرة التكيفية هذه لنفسك، ستعلم عقلك أنه يمكنه التفكير بطرق أكثر تكيفًا ومرونة، وتنشيط الدارات التي ستحميك من القلق في المستقبل. يتطلب الأمر بعض الممارسة، لكن أفكارك الجديدة ستصبح اعتيادية في نهاية المطاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *