كتبت: دعاء سيد
إن أحسنت الظن بمولاك تولاك، هي عبادة قلبية تدفع الإنسان للثقة برحمة اللِّه -تعالى- وعدله، وتحثه على السعي والإحسان في حياته، حسن الظن باللِّه هو أن يؤمن العبد بأنّ اللَّه -جل وعلا- كريم ورحيم وعدل، وأنّه لا يُقدر على عباده إلا الخير، مهما بدت الظروف مخالفة لذلك، وقد جاء في الحديث القدسي: “أنا عند ظن عبدي بي؛ فإن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًّا فله” (رواه البخاري ومسلم)، هذا الحديث يلقي الضوء على أهمية حسن الظن باللِّه -سبحانه وتعالى-؛ فتصرفات الإنسان وأقواله تتأثر بشكلٍ مباشر بمدى ثقته بربه.
القرآن الكريم مليء بالآيات التيّ تدعو إلى حسن الظن باللِّه والثقة برحمته ولطفه، كقول اللّٰه -تعالى-: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}(الأحزاب: 43)، هذه الآية تؤكد أنّ رحمة اللّٰه -سبحانه وتعالى- تحيط بالمؤمنين، ولا تتركهم لحظة، كذلك قول اللّٰه -تعالى-: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (الشرح: 6)، الذي يُظهر وعد اللّٰه بالفرج بعد الضيق واليسر بعد العسر.
الثقة باللِّه -سبحانه وتعالى- تجعل المؤمن في طمأنينة، بعيدًا عن القلق واليأس، فمن يحسن الظن بربه يعمل بجد وسعي، راجيًا الخير في الدنيا والآخرة، واليقين برحمة اللِّه -تعالى- يجعل المؤمن متفائلًا، ويقيه من الغرق في مستنقعات الحزن والندم، فعندما اختبأ النبيُّ (ﷺ) وأبو بكر الصديق ـرضى اللُّه عنه- في الغار أثناء الهجرة، قال أبو بكر: “يا رسول اللّٰه، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لرآنا!” فأجابه النبيُّ (ﷺ): “ما ظنك باثنين اللُّه ثالثهما؟” (رواه البخاري)، كان هذا من أعظم صور حسن الظن باللِّه -سبحانه وتعالى-، ومن موقف سيدنا أيوب -عليه السلام-، عندما ابتلاه اللُّه -تعالى- بالمرض وفقد كل ما يملك، لم ييأس؛ بل دعا اللَّه -سبحانه وتعالى- قائلًا: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ} (الأنبياء: 83)، فاستجاب اللُّه -تعالى- له ورفع عنه البلاء.
كيف نعزز حسن الظن باللِّه -سبحانه وتعالى-؟ إنّ معرفة أسماء اللّٰه الحسنى وصفاته العلى مثل الرحيم والغفور والرزاق، تُعمّق الثقة به، وقصص الأنبياء مليئة بالعبر التيّ تعلمنا حسن الظن باللِّه -عز وجل- مهما اشتدت المحن، والدعاء والتقرب إلى اللِّه -سبحانه وتعالى- يعزز يقين القلب برحمة اللِّه وقربه.
حسن الظن باللِّه -سبحانه وتعالى- هو حياة للقلب ونور للروح، إذا أحسنت الظن بمولاك تولى أمرك بالخير، وأسبغ عليك لطفه ورحمته، فلنثق دائمًا باللِّه -عز وجل-، ونتذكر أنّ كل أمر قضاه خير ولو بدا غير ذلك، فاللهم اجعلنا من أهل حسن الظن بك، واغمر قلوبنا برحمتك ورضاك.