إفشاء أسرار المرضى

بقلم: الأستاذ الدكتور فتحي الشرقاوي

استاذ علم النفس جامعة القاهرة 

ترددت كثيرا قبل اقتحامي لموضوع الطبيبة المصرية
مع ماصاحب ذلك من قيامها ببث فيديوهات تشير إلى تورط بعض مريضاتها بارتكاب جريمتي الزنا والحمل السفاح ، ومن ثم لجؤهن اليها بوصفها طبيبة للتخلص من اثار تلك الجرائم المشينة اخلاقيا ومجتمعيا ،وبعيدا عن التدخلات الرسمية العديدة والسريعة والمتلاحقه التي نُشيد بها ونثني عليها بالقطع من قِبل الجهات المعنية المسؤله بداية من النائب العام مرورا بنيابة الاطباء ومن ثم وقفها عن العمل واجراءالتحقيقات اللازمه معها ، بعد توجيه ثلاثة اتهامات لها وهي الإخلال بقيم ومبادئ المجتمع، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة. علينا ان نقف على ابعاد هذا الحادث المشين نظرة أكثر عموميه تتخطى حدوده كحدث فردي.

أولا: في الوقت الذي تبذل فيه جامعاتنا وكلياتنا قصارى جهدها في العملية التعليمية والتدريس الأكاديمي النوعي لكل التخصصات العلمية ،إلا أننا على الجانب الآخر لازلنا متأخرين نسبيا في تدريس ابنائنا المواثيق الاخلاقية ومبادئها التي تمس المستهدفين بهذا التخصص أو ذاك والنظر الى تلك الارشادات إبان سنوات الدراسة الأكاديمية بوصفها مجرد ارشادات نظرية لا ترتقي الى اهتمام الطلاب بالمقارنه باهتماماتهم بالمقررات العلمية النوعية، الأمر الذي يدفعنا تباعا إلى كيفية التفكير الاجرائي في تخصيص مقرر دراسي كامل مستقل يتصدى لاخلاقيات المهنه النوعية والآثار القانونية المترتبة على الخروج عنها ،بحيث يصبح هذا المقرر جزء لا يتجزأ من بقيه المقررات الدراسية المفروضه على الطالب
ثانيا:على جميع النقابات المهنية على اختلاف توجهاتها العلمية النوعية ،سرعة التفكير في عقد دورات تدريبية مكثفه لخريجيها عن أخلاقيات كل مهنه ومايترتب على الخروج عليها من تداعيات ،مع اعتبار اجتياز الخريج لهذه الدورات احد أهم مصوغات منح رخص مزاولة المهنة.

ثالثا:لابد من التفكير جديا في وضع معايير اجرائية صارمه لكيفية استخدام الخريجين المهنيين لوسائل التواصل الاجتماعي في الإعلان والترويج لأنفسهم وللجهات التي يعملون فيها،وكذلك القابهم الرسميه، لأن عدم وجود ضوابط لهذه الإعلانات الشخصيه قد يكون المدخل الأول لبداية الانزلاق في المزيد من الاخطاء الكارثية، ويكفي الإشارة في هذا السياق إلى أن فيديو هذه الطبيبة حقق ١٠ مليون مشاهدة خلال ساعات من تشييره، ولا شك أن إقدام الطبيبه على نشر فيديوهاتها ،كان أحد اهم أهدافه الكامنه هو الترويج لنفسها ولمهنتها ومكان عملها تحقيقا لمآرب شخصية بحته.

رابعا:لابد أن تقوم كل جهة عمل بإلزام منسوبيها بعدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الإعلان عن انفسهم ووظائفهم المهنيه ،دون إذن مسبق من جهة اعمالهم، تجنبا لأي اهتراءات ومن ثم الخروج عن النصوص واللوائح الحاكمة.
مجرد خاطرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *