كتبت: دعاء سيد
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}(البقرة: 152) هذه الآية الكريمة تحتوي على توجيه رباني عظيم يشتمل على جوانب متعددة من حياة المسلم، يبدأ اللُّه -تعالى- الآية بأمرٍ بسيط لكنه عميق المعنى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، الذكر في هذا السياق يشير إلى كلِّ أنواع التذكر والإحسان للِّه، سواءً باللسان من خلال التسبيح والتحميد، أو بالقلب من خلال التفكر والتأمل في نعم اللّٰه وعظمته، والذكر هو شريان حياة المؤمن، وعبره يتجدد إيمانه ويتقوى ارتباطه باللِّه -عز وجل-.
ثم يأتي الجزاء: {أَذْكُرْكُمْ}، اللَّه -سبحانه وتعالى- يتعهد هنا بأنّ يذكر العبد إذا ما ذكره، وهذا الذكر من اللِّه يعني القبول والرعاية، والتوفيق في الدنيا والآخرة، إنّه وعد كريم من الرحمن لمن يلتزم بذكره ويعمر قلبه ولسانه بذكر اللّٰه، فالذكر هو من أقرب العبادات إلى اللِّه وأكثرها تأثيرًا على حياة المسلم، فهو ليس فقط ذكرٌ للِّه بأسمائه الحسنى؛ بل هو انعكاس لهذا الذكر في حياة المؤمن بأفعالٍ تعبر عن إيمانه باللِّه واتكاله عليه، والذكر يجعل قلب المؤمن مطمئنًا ويزيل عنه الهموم والغموم.
ثم تأتي الدعوة إلى الشكر:{وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} الشكر في هذا السياق يعني الاعتراف بنعم اللِّه -تعالى- والاستفادة منها في طاعته، الشكر ليس مجرد كلمات تقال؛ بل هو ممارسة عملية تتمثل في استخدام النعم فيما يرضي اللُّه، والشكر يزيد النعم، كما قال اللُّه -تعالى-: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم: 7)، أما {لَا تَكْفُرُونِ} فهي تحذير من نقيض الشكر، وهو الكفر بالنعم، إما بجحودها أو بعدم استخدامها في طاعة اللِّه، والكفر هنا ليس فقط عدم الإيمان بالله؛ بل يشمل أيضًا الجحود بالنعم والاستهانة بها.
يجب على المسلم أنّ يحافظ على الذكر في كلِّ أوقاته وأحواله، سواء كان في السراء أو الضراء؛ ليبقى قلبه متصلًا باللِّه -عز وجل-، يتوجب علينا أنّ نشكر اللَّه -تعالى- على نعمه العظيمة، من خلال الاعتراف بها واستخدامها فيما يرضي اللُّه ويحقق الخير للناس، وتجنب الكفر بالنعم؛ لأنّ الكفر بالنعم يؤدي إلى زوالها ولذلك يجب أنّ نحذر من الاستهانة بالنعم التيّ أنعم اللُّه بها علينا وأنّ نستخدمها فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة.
الآية الكريمة{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} تعتبر دستورًا للحياة الإيمانية للمسلم، حيث توجهه إلى أهمية الذكر والشكر كوسيلتين للارتقاء الروحي والاجتماعي، فإذا التزم المؤمن بهذه التوجيهات، فإنّه ينال رضا اللَّه -تعالى- ورعايته في الدنيا والآخرة.