بقلم: معاذ رضوان
في زمن تحوّلت فيه كرة القدم إلى “بيزنس” أكثر من كونها انتماء، وفي وقت بات الانتماء فيه سلعة تُعرض للبيع في سوق الانتقالات، يبقى هناك استثناء فريد من نوعه في الكرة المصرية… اسمه: النادي الأهلي.
وأنا من أولئك الذين لا يخجلون من الجهر بهذا الانتماء، بل أصرخ بها بكل فخر: “أنا أهلاوي… وليّا الشرف”.
مش مجرد نادي… ده هوية
الأهلي مش مجرد فريق كرة بيكسب أو بيخسر، ده كيان متكامل، مؤسسة اتبنت على المبادئ والانضباط والاحترام. الأهلي هو اللي علمني إن الفوز مش بس عدد أهداف، وإن الخسارة مش نهاية الدنيا، بل فرصة للتعلم.
من وأنا صغير، كنت بسمع جملة مشهورة في بيتنا: “الأهلي مبيكسرش، هو بس بيتعثر شوية”.
وكبرت، واكتشفت إن الجملة دي مش مبالغة… دي الحقيقة.
لما ترجع للتاريخ، تلاقي الأهلي دايمًا في المقدمة.
من أول بطولة دوري سنة 1948، لحد ما وصل لرقم 12 في دوري أبطال إفريقيا، الرقم اللي مفيش نادي في القارة كلها قدر يقرب له.
تخيل إن الأهلي كسب أول بطولة دوري قبل ما معظم أندية مصر تتأسس أصلاً!
ولما قامت ثورة 1919، الأهلي كان من أوائل الأندية اللي دعمت الحركة الوطنية، مش بس بالكلام، لكن بالفعل.
ده مش نادي، ده رمز نضال.
عارف الفرق بين الأهلي وغيره؟ إن الأهلي منظومة.
مدرب يروح؟ ييجي غيره.
لاعب يسيب الفريق؟ الجمهور يزعل شوية، لكن الأهلي يكمّل.
الأهلي ما بيعتمدش على نجم، الأهلي هو اللي بيصنع النجم.
مين كان يعرف محمد شريف قبل ما يتألق في الأهلي؟
مين كان يسمع عن علي معلول في مصر؟
ومين كان يراهن على أفشة؟
لكن الأهلي آمن بيهم، وطلّع منهم أبطال.
الجمهور… جمهور مشجعش بس
لو اتكلمنا عن جمهور الأهلي، يبقى لازم نقف ونشيل له القبعة.
الجمهور ده مش بيشجع، ده بيحس.
الجمهور ده بيعيش كل ماتش كأنه نهائي كأس عالم.
من مدرجات التالتة شمال، لأهلاوي بسيط بيتابع من القهوة، لأمهات بتدعيلنا في صلاة الفجر “ربنا ينصر الأهلي”… كل دول جزء من المنظومة.
الجمهور هو اللي وقف مع الفريق في أسوأ أيامه: بعد كارثة بورسعيد، بعد خسارة دوري أبطال إفريقيا مرتين، بعد الإحباط، بعد الهجوم، الجمهور كان دايمًا الدرع والسند.
الأهلي مش فريق… ده مدرسة
كل نادٍ بيحاول يطور أكاديميته… لكن أكاديمية الأهلي مش مجرد ملعب تدريب.
هي مدرسة بتعلم الالتزام قبل المهارة، وتربية الشخصية قبل المراوغة.
في الأهلي، اللاعب بيتعلم إزاي يحترم الخصم، إزاي يتكلم مع الإعلام، إزاي يعتذر لو أخطأ، وإزاي يكون قائد.
ودي مش مجرد شعارات، دي حاجات إحنا شايفينها على أرض الواقع:
رمضان صبحي، لما كبر في الأهلي، اتعلم القيادة.
طاهر محمد طاهر، لما التزم وانضبط، بقى من أعمدة الفريق.
ووليد سليمان، بقى مثل في الإخلاص والانتماء.
الأهلي مش بس لمصر
الأهلي نادي مصري، آه… بس صيته طالع برا.
في تونس، المغرب، السودان، السعودية، وحتى نيجيريا، تلاقي أهلاوية بيشجعوا الفريق كأنهم اتولدوا في شارع صلاح سالم.
الأهلي مش بس نادي، ده فخر عربي وأفريقي.
مش غريبة لما تشوف الفيفا نفسه بيوثق إن الأهلي هو “نادي القرن” في أفريقيا… رسمياً وبالورق.
أفتخر إني أهلاوي لما…
أشوف الفريق بيلعب برجولة حتى وهو خسران.
لما اللاعب يحتفل بهدف ويفكر في الجمهور اللي وراه.
لما الأهلي يرد في الملعب مش في الإعلام.
لما مجلس الإدارة يلتزم الصمت وقت الأزمات عشان يحترم التحقيقات.
الأهلي بيعدّي من مراحل… بس عمره ما وقع
أكيد مرت علينا فترات صعبة:
2013 لما انقسم الجمهور بعد الأزمة السياسية.
2015 لما اتلغت الجماهير.
2020 لما خسرنا الدوري في لحظات غريبة.
بس في كل مرة، الأهلي رجع أقوى.
في كل مرة كنا بنقول “كده الأهلي اتكسر”، تاني يوم نلاقيه بيبني من جديد.
🏆 الأهلي = البطولات
في أي نادي تاني، ممكن البطولات تكون “هدف”…
في الأهلي؟ لأ، البطولات عادة.
لما الأهلي يدخل أي بطولة، ما بيفكرش “هل هنكسب؟”
هو بيفكر “هنكسب بكام؟ وهنحتفل فين؟”
فاكرين الثلاثية التاريخية؟ دوري، كأس، أفريقيا… مرة واحدة.
فاكرين لما لعبنا كأس العالم للأندية واحترمنا نفسنا قدام بايرن ميونخ؟
فاكرين ماتش القرن ضد الزمالك؟ أفشة، وتسديدة المجد!
أنا أهلاوي، مش بس عشان الأهلي بيفوز…
أنا أهلاوي عشان الأهلي بيعرف يخسر بشرف، ويكسب برجولة.
أنا أهلاوي عشان الأهلي مش بيدوس على حد عشان يطلع فوق.
أنا أهلاوي عشان الأهلي مؤسسة وطنية، مش مجرد نادي.
أنا أهلاوي، وعارف إني ممكن أختلف مع الإدارة، أو مع مدرب، أو حتى مع اختيارات لاعبين… بس عمري ما اختلفت مع الكيان.
أنا أهلاوي، وأعرف إن الأهلي أهم من أي لاعب، وأي مدرب، وأي صفقة.
لو هتسألني إيه أغلى حاجة خدتُها في حياتي؟
مش شهادة، ولا وظيفة، ولا حتى حب…
أغلى شرف عندي… إني أهلاوي