كتبت: دعاء سيد
الآية الكريمة ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾(الأنبياء:107)، تجسد مضمون رسالة النبيّ (ﷺ) ودوره الكبير في تحقيق الرحمة لجميع المخلوقات، تظهر هذه الآية بوضوح أنّ رسالة الإسلام لم تكن موجهة فقط للبشر؛ بل لكل العالمين، بما في ذلك الجن والإنس وحتى البيئة والحيوانات.
يخبر اللُّه -تعالى- في هذه الآية النبيَّ (ﷺ) بأنّه أرسله رحمةً لجميع المخلوقات، وهي رحمة تشمل كل شيء، فالنبيّ لم يُرسل كعقاب أو عذاب للناس؛ بل جاء برسالة الإسلام لتكون نورًا يخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويرشدهم إلى طريق الحق والعدل، ويحثهم على الرحمة واللين.
كانت رحمة النبيّ (ﷺ) للبشر واضحة في جميع جوانب حياته، فهو النبيّ الذي وصفه اللُّه -تعالى- بأنه “رؤوف رحيم”، وكان دائمًا ما يحث على التسامح، والعفو والتعاون وإصلاح ذات البين، لم يكن يدعو فقط لمن آمن به؛ بل كان رحيمًا حتى مع من عادوه وأساءوا إليه، كما يظهر في عفوه عن أهل مكة بعد فتحها.
لم تقتصر رحمة النبيّ (ﷺ) على البشر فقط؛ بل امتدت إلى الحيوانات والطبيعة، حيث علمنا النبيّ (ﷺ) أنّ نعامل الحيوانات برفق وألا نرهقها أو نسيء معاملتها، كما حث على الحفاظ على البيئة والأشجار والماء، وأوصى بألا نتعدى على موارد الطبيعة بلا فائدة.
تذكرنا الآية الكريمة بأنّ الرحمة يجب أنّ تكون محور حياتنا اليومية في التعامل مع الآخرين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، أصدقاء أو أعداء، فرسالة النبيُّ (ﷺ) لم تكن محصورة في وقتٍ أو مكانٍ أو فئةٍ معينة؛ بل كانت شاملة لجميع البشر وكلّ المخلوقات، فعلى المسلمين أنّ يستلهموا من سيرة النبيِّ (ﷺ) رحمتهم في التعامل مع الآخرين، وأنّ يجسدوا هذه الرحمة في حياتهم العملية، سواء في الأسرة أو المجتمع.
تعتبر الآية الكريمة دعوة مستمرة للمسلمين للتفكر في رحمة اللِّه التيّ تمثلها رسالة النبيّ (ﷺ)، هي دعوة للعمل على نشر هذه الرحمة في العالم من خلال أفعالنا وأقوالنا؛ لتكون حياتنا انعكاسًا لتعاليم الإسلام القائمة على الحب والتسامح والرحمة.