وقالت لِى يا بِنتِى أن أنسى من لِلبيتِ قد سكنُوا

بقلم: الدكتورة نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

ولم يهدِئ لِىّ جِفنٌ لِما سمِعتُ مِن أخبار على عجلٍ، وفجرُ اليوم قد بزغ، حاولتُ النوم مُنذُ الأمس فتأبى العينُ أن تُغمِض وتنتظِرُ… وقِيلَ لِى أن الأحباب لِدارِ الخُلدِ قد رحلُوا، ومن رقد بِسلامِ الله فِى معيته، ومن بقىّ تراه يئِن لِمن غابُوا فِى كبّتٍ ويلتفِتُ.

أدرتُ الهاتِف لِمن غابُوا لعلّ الأجلُ لم يحِنُ فجاء الرد مُقتصدٌ، حاولتُ كثِيراً ولم أفلح فكُلُ الأرقام قد مُحِيت بِموتِ الصاحِب بِلا عودة أو صوتٍ… وكم أشهى أُطالِع وجه من نكسُوا ولو ثانية، وكم أحلُم بِلِقاءٍ كعادتُنا على الغدِ، وكم أهفُو لِلمسة يد قد تحنُو فِى هفتٍ.

فهِمتُ المغزى فجاء الصوتُ مُختنِقٌ، يأستُ الرد فهل لِلدارِ أصحابٌ بعد المُلاكِ قد رحلُوا؟ ويرفُض عقلِى تصدِيق هذا الخبرُ، وصوتُ الحق لا يقبلُ الجدلُ… صمّمتُ الأُذن عنِ الحكىّ بِلا نُطقٍ ولا ردٍ، هزمتُ الخوف لكِنّ الأشخاص ما بقيُوا فِى البيتِ.

وقُلتُ آمِين لِلرحمن وقضاءُ الله نرضاه فِى صبرٍ، وهذا القلبُ مُشتاقٌ على الدومِ لِلقاءِ أحِبته، غلبنِى حنينِى لِلأصحابِ والذِكرى ومن بقيُوا… وكيف أُفسِر أىُ غِياب وهذا البيتُ هو نفسُه معروف بِصُحبتُنا، طرقتُ الباب مراتٍ ومراتٍ لعلّ يُجِيب فِى خفتٍ.

وجاء الردُ مِن جارة سمعتنِى مِن الشِباك بِأن أرحل أُدِير الظهر بِلا رجعة لِلأبدِ، وقالت لِى يا بِنتِى أن أنسى من لِلبيتِ قد سكنُوا… ويأبى العقلُ يا جارة تصدِيق هذا الخبرُ، وبِتُ وحِيدة على الباب أُعنِفّه، تُرى الأحباب قد عادُوا أم رحلُوا فِى صمتٍ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *