ورطة التعليم العالي فى المعاهد

بقلم : الكاتب الصحفي رفعت فياض

تسبب خطاب صدر مؤخرا من وزارة التعليم ا لعالى زموجه إلى 185 معهد عالى خاص فى مصر فى حدوث حالة إرباك شديدة داخل جميع هذه المعاهد عندما طالبت الوزارة فى هذا الخطاب كل معهد عالى بضرورة إرسال 3 مرشحين لمنصب عميد كل معهد وذلك قبل 30 مايو المقبل حتى يستنى إتخاذ الإجراءات اللازمة لإختيار العميد بوقت كافى وبررت الوزارة ذلك بحرصها على إستقرار العملية التعليمية قبل بدء العام الدراسى 2025/2026 ولاأعرف كيف سيتم هذا وفى أى وقت خاصة وأن أكثر من 90% من عمداء هذه المعاهد يتم إعارتها لها من الجامعات الحكومية لعدم توفر من هو بدرجة أستاذ بمعظم هذه المعاهد 0
فعلت الوزارة ذلك مع أنها تعلم أن هذا مخالف من البداية لنص قانون 52 لسنة 1970 الخاص بالمعاهد والذى يحدد إختيار عميد المعهد ـ أى معهد ـ بأن تقوم الجمعية المالكة للمعهد بترشيح من تراه مناسبا لعمادة المعهد ملائما لتخصص المعهد إلى وزارة التعليم العالى ، وعادة مايكون الأستاذ المرشح من غير أبناء المعهد ومن جامعة حكومية وأن تكون مطمئنة لقيادته للمعهد الذى تملكه هذه الجمعية ، فإذا وافقت الوزارة على ترشيح الجمعية لهذا الأستاذ وأحضر موافقة جامعته بالإعارة كعميد لهذا المعهد ـ يصدر قرار وزارى بتعيينه عميدا للمعهد لمدة عامين ليقوم بعد ذلك بالتوافق مع الجمعية المالكة بتشكيل مجلس إدارة لهذا المعهد وليصدر به قرار وزارى لمدة عامين أيضا ، لكن إذا كان للوزارة أى تخفظ على هذا الأستاذ المرشح لعمادة هذا المعهد تعيد هذا الترشيح للجمعية المالكة وتطلب ترشيح أستاذ آخر غيره ، فإذا تمت الموافقة عليه يصدر قرار وزارى بتعيينه عميدا لمدة عامين ، فإذا إعترضت الوزارة مرة أخرى على المرشح الثانى من حق وزير التعليم العالى أن يعين هو من جانبه عميدا لهذا المعهد 0 هذا هو القانون ـ

إلا أن الوزارة ولسبب غير مفهوم إقتنعت برأى آخر جاء من وافد عليها وأقنعها بأن نطلب من كل معهد أن يرشح ثلاثة أساتذة فى تخصص المعهد ، وكأن هذا العدد متوفر بسهولة ، وأن هؤلاء الأساتذة سيسيل لعابهم لترشحهم لعمادة هذا المعهد ، مع أن هناك مغريات كثيرة أخرى أمامهم تفوق أى ميزة لهم فى عمادة هذه المعاهد خاصة فى السنوات الأخيرة.

ولم يدرك من أرسل هذا الخطاب أن هذا يعنى أنه مطلوب من هذه المعاهد أن ترشيح 555 أستاذ يكونوا قد وافقوا لها على الإعارة لهذه المعاهد ، وأنه سيتم إختيار 185 أستاذ فقط منهم لتولى العمادة وأن الباقى سيعود إلى جامعته بخفى حنين ، وتكثر حوله الأقاويل إلى حد أن تلاحقه وصمة عار غير معلنة بأنه قد تم رفضه من تولى مسئولة العمادة فى هذا المعهد الذى تم ترشيحه عليه ، وأنه لايصلح لعمادة أى معهد ، هذا فى حالة إذا وافق هؤلاء الاساتذة أصلا على أن يتم ترشيحهم لعمادة هذا المعهد بهذه الصورة.

حدث هذا وتم إرسال هذا الخطاب للجميع دون أى توضيح أن هناك بعض العمداء قد صدر لهم بالفعل قرارات وزارية منذ أسابيع قليلة بالعمادة لمدة عامين ، ومع ذلك تم إرسال هذا الخطاب لهم وكأنه مطلوب من هذه الجمعية المالكة أن ترشح مرة أخرى ثلاثة أستاذة سواء العميد الموجود من بينهم أو أساتذة جدد لإختيار عميد جديد لهذا المعهد !! كما أن هناك عمداء صدر لهم أيضا قرارات وزارية منذ شهور قليلة بالعمادة لمدة عام فقط ، ومع ذلك تم إرسال هذا الخطاب للجمعية المالكة لهذا المعهد أيضا دون أى توضيح، ولو كانت هذه المعاهد خاصة التى صدر لمن تم إختياره عميدا لها لمدة عامين سيتم إستثناءها من ذلك ماوصل لها هذا الخطاب، ولو كان هذا الخطاب أيضا مقصور تنفيذه على معاهد معينة ماكان قد وصل للجميع بهذه الصيغة ، أو أن الذى أرسله كان عليه أن يوضح فيه تفاصيل تنفيذه وعلى أى معاهد ، إلا أن هذا لم يحدث مما تسبب فى إرباك المشهد كله بجميع المعاهد ال185 على مستوى الجمهورية ، وحاولت كثير من المعاهد أن تتواصل مع قطاع التعليم الخاص بالوزارة لتجد تفسيرا لديه لهذا الخطاب لكن دون جدوى ، خاصة وأنه يأتى فى توقيت يصعب على أى أستاذ بأى جامعة حكومية أن يجيب أى معهد بمدى إستعداده بالترشح لعمادة المعهد المقصود لأنه لمن ينتهى بعد من جدوله الدراسى بجامعته ولم ينتهى من الإمتحانانت المكلف بها فيما يقوم بتدريسه ، كما أن أى جامعة الحكومية هى الأخرى لن تعطعى لأى أستاذ بها أى موافقة على الإنتداب لجهة أخرى فى هذا التوقيت إلا بعد أن تنتهى كل الإمتحانات بها ، وإلتزامات هذا الأستاذ بكليته.

كما أن بعض المعاهد أكدوا أنهم لو فعلوا ذلك وأرسلوا ترشيحات أخرى لم تتضمن فيما بينها ترشيح إسم العميد الحالى للمعهد لأى سبب من الأسباب ـ سوف يتعرضون لمشاكل لانهاية لها من هذا العميد المسئول قانونا عن الإمتحانات ونتائجها المعهد خاصة عندما يكتشف أن المعهد الذى يتولى عمادته لم ترشحه الجمعية المالكة لهذا المعهد مرة أخرى للعمادة ، وأنها رشحت غيره ـ مع إفتراض أنها تمكنت بمعجزة أن توفر ثلاثة من الأستاذة للترشح للعمادة وإن كان هذا فى حكم المستحيل 0
هذا الخطاب كان من المفترض مراجعته قانونا قبل إرساله مع المختص المباشر بالتعليم الخاص فى الوزارة إلا أن عددا من المعاهد عندما حاولوا الإتصال به إدعى لهم عدم معرفته بأى شيئ فى هذا الشأن، وأنه ليس له علم بهذا الخطاب ـ وهذا يعنى أنه أما أن يكون قد تم إستبعاده فعلا من أى شيئ ، وأنه ينفذ فقط مايملى عليه أو يطلب منه فقط ، وطلب منه ألايتدخل فى أى شيئ لايتم التحدث معه فيه بشأنه ، أو أنه يريد أن يلقى المسئولية على غيره وقرر ألا يقدم النصيحة لأى أحد فى وضعه الجديد حتى يغرق من إستبعده فيما يفعله ويجنى ثمار مافعله ، وكلا الإحتمالين صحيح لأن هذا المختص تنكر لمن صنعه فى هذه الوزارة منذ عدة سنوات ، وتفرغ الآن فقط للكيد لكل زملائه فى القطاع لكى يتخلص منهم جميعا واحدا تلو الآخر على أمل أن يكون هو فقط فى المشهد ـ وهو حلم صعب المنال بالنسبة له ولن يتحقق فى يوم من الأيام لأنه لن يأمن له أحد 0 وكان الله فى عون معاهد مصر فى هذا الجو غير الطبيعى والذى تقطعت فيه سبل التواصل الإيجابية مع هذه المعاهد ، وأصبحت مخالفة القانون هى السمة الموجودة فى تعيين عمدائها على أقل تقدير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *