بقلم الدكتورة: نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف
وأشاعُوا عنِى فِى واشُنطُن تِلك الشِيُوعِية الوضِيعة مِن نسلِ ماوتسِى تُونغ قد سقطت مِنا فِى الوحل، صرخُوا علىّ الأمرِيكان بِأنِى دمِيمة لا أفهم شئ… ونثرُوا حولِى بِأن ديمقراطيتهُم عظِيمة فِى عجب، فوجدتُ نفسِى بِغيرِ عُذر فِى قلبِ الحدث، نصبُوا الكمِين أمام عينِى وأتوا ورائِى مُصافِحِين فِى عبّس، كذبُوا علىّ بِالسلامِ وبِالعدّل.
بدأت حِكايتِى مع الإدارة الأمرِيكية سِنين طوِيلة مُنذُ كُنت طالِبة ولازالت ماثِلة، فالفوضى حلت بيننا، والكِبرياء مِن شخصِيتِى… إسمِى أنا عِند الأمرِيكان مُتمرِدة، صِفتِى الوحِيدة عِندهُم مُغيبّة، أضع عِيُونِى مُدببة كالصقرِ فِى نظر واشُنطُن ثائِرة، لا أخشى مُنهُم شُرذمة، أرفُض مُصافحة من قتل شعبِى وسلب أرضِى وأهان غزة فِى ثِقل.
قد حدثُونِى فِى واشُنطُن عنِ المبادِئ والمُثُل، قد قالُوا لِى مُحذِرِين نحنُ الأمل، فسقطتُ كُلِى فِى الحِذاء هارِبة، وجهِى الذِى عليهِ رأسِى قد بُهِت كُلُه غائِماً… سقطت عدالة الأمرِيكان مِن بعدِ غزة فِى غيّب، إن العِرُوبة مِن دمامة السِياسة الأمرِيكِية رافِضة، لا يدُ تمدُد بِالسلام أمام مِنهُم فِى برّد، ما عادت الأعذارُ مِنهُم تُطِيبُ خاطِر أو عقل.
قررتُ أوصِف لِلأمرِيكان ما حل بِهم فِى أرضِ العرب، قررتُ أنقُلَ الحدث، فرقٌ كبِير بين كلامِ الأمرِيكان والوصف… فالفرقُ شاسِع بين الوِعُود والتصرُف فِى رِعُونة تُدمِى النظر، نحنُ العرب أسيادُ قوم بين الأُمم، نحنُ الحضارة فِى كُلِ عصر شامِخة، أتى علينا الأمرِيكان مع الصهاينة المُعتدِين على شعبِ غزة وأبادُوا أرضاً فِى عزل.
والأمرِيكان يغدُرُون على الدوام بِلا تأفُف أو تراجُع عن قصد، فصمّمتُ أُذُنِى عن أىّ سِلمٍ أو صفح، أحفظ وِعُودهُم فِى واشُنطُن عن ظهرِ قلب واثِقة… فِى كُلِ مرة يمُدُون أيدِيهُم سلام يُمزِقُونَ خلفُك أشرِعة، هم يمكُرُونَ فِى حصافة تُنتهج، إن المِرُونة لِتغييرِ موقِفهُم سرِيعاً عادة مُتأصِلة، عاهدتُ كُلَ عِيُوبُهُم، ففهمتُ معنى وصفُهُم فِى الحِيل.
قد عاهدُونا سِنين طوِيلة فِى واشُنطُن وخالفُونا فِى الرأى، وتمادُوا فِى تعذيبِ مِصر والخلِيج والعرب بِشِرُوط كثِيرة مُجحِفة… قد أجحفُونا أىُ حق فِى وصد، كذّبُوا علينا ساسة واشُنطُن يوم لامُوا على العِرُوبة والعرب، قد زعمُوا أنّا بِلا تمدُن أو حضارة تُحترم، وأسمعُونا كلام كثِير عن الإنسانِية والعدل، لِكنهُم إغتالُوا أُمماً فِى العراءِ على عجل.
قد أوهمُونا الأمرِيكان بِأنهُم يبغُون صالِح شِعُوب ضعِيفة فِى أرضِ العرب، ورمُوا إلينا الكلام مغمُورَ دوماً بِالعسل، فرشُوا الوِرُودَ على الأرضِ بِالغزل… لِكنهُم دفنُوا وُعُودهُم فِى أذى، وإنتقمُوا مِن أهلِ غزة فِى وصم، إن الغِرُور إذا تملّك أُمةً فستسقُط كُلِيةً، سقطت واشُنطُن صرِيعةً بِين الشِعُوبِ والأُمم، هالُوا عليها فِى التُرابِ والرمل.