نعمة اللسان وحفظه في الإسلام

كتبت: دعاء سيد 

اللسان من أعظم نعم اللِّه -تعالى- على الإنسان، فهو أداة التعبير والتواصل، ووسيلة لنقل الأفكار والمشاعر، ومع هذه النعمة العظيمة تأتي مسؤولية عظيمة، فالكلمة التيّ تخرج من الإنسان تعكس ما في قلبه وعقله، وقد تكون سببًا لسعادته أو هلاكه؛ ولذلك شدد الإسلام على حفظ اللسان من الكلام البذيء والغيبة والنميمة، وجعل للكلمة الطيبة مكانة كبيرة.

ذكر اللُّه -تعالى- اللسان في عدة مواضع في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أهميته كنعمةٍ ومسؤولية، يقول اللُّه -تعالى-: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} (سورة البلد: 8-9).

في هذه الآيات، يذكّر اللُّه -سبحانه وتعالى- الإنسان بنعمة اللسان التيّ منحها له؛ ليعبر بها عن نفسه ويستخدمها فيما يرضي اللُّه -تعالى-، كما يحذر اللُّه -سبحانه وتعالى- من القول بغير علمٍ أو من إطلاق الكلام الذي لا فائدة منه، إذ قال -تعالى-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (سورة ق: 18)، فكلّ كلمة يتفوه بها الإنسان مسجلة، وسيحاسب عليها يوم القيامة.

أكد النبيُّ (ﷺ) على أهمية ضبط اللسان وحفظه من الزلل، فقال (ﷺ): “من كان يؤمن باللِّه واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت” (رواه البخاري ومسلم)، وهذا الحديث يدل على أن الكلام مسؤولية، وأن على المسلم أن يتجنب الحديث إلا إذا كان في الخير، وفي حديثٍ آخر، قال النبيُّ (ﷺ): “إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان اللِّه لا يلقي لها بالًا، يرفعه اللُّه بها درجات، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط اللِّه لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم” (رواه البخاري)، وهذا الحديث يبين أثر الكلمة، فقد تكون سببًا لدخول الجنة أو النار.

الكلمة الطيبة صدقة، كما قال النبيُّ (ﷺ): “والكلمة الطيبة صدقة” (رواه البخاري ومسلم)، وهي سبب للمودة والرحمة بين الناس، وقد تكون مفتاحًا للخير والهدى، قال اللُّه -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} (سورة إبراهيم: 24)، أما الكلمة السيئة تؤدي إلى التفرقة بين الناس وزرع البغضاء، وقد تفسد العلاقات وتجرّ إلى الذنوب، فقد قال اللُّه -تعالى-: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} (سورة الإسراء: 53).

ينبغي على الإنسان أن يتأنى قبل أن يتحدث، ويتساءل هل ما سيقوله خير أم لا؟

وعليه الإكثار من ذكر اللِّه -سبحانه وتعالى-، فالذكر يطهر اللسان ويبعده عن اللغو، قال اللُّه -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (سورة الأحزاب: 41)، ومرافقة أهل الخير تساعد على حفظ اللسان، فالصديق الصالح يذكرك بالحق ويعينك على ضبط نفسك، والابتعاد عن مجالس الغيبة والنميمة يحمي الإنسان من الوقوع في معصية اللِّه -عز وجل-.

نعمة اللسان من أعظم نعم اللِّه -تعالى- على الإنسان، وهي أمانة ومسؤولية يجب أن يحسن استخدامها، فالكلمة الطيبة تجلب الخير في الدنيا والآخرة، أما الكلمة السيئة فتكون سببًا للندم والحسرة، فلنحرص على أن نكون ممن يحفظون ألسنتهم ويستخدمونها في طاعة اللِّه -سبحانه وتعالى- ونفع الناس، متبعين في ذلك هدي النبيَّ (ﷺ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *