بقلم: أحمد بدوي
خمسة أعوام كاملة لم تكن كافية لبعض الأحزاب السياسية لإعداد كوادر مؤهلة تمثلها داخل القائمة الوطنية، فتساقطت كما تتساقط الأوراق اليابسة في موسم الخريف السياسي، لتكشف واقعا مريرًا عنوانه غياب الرؤية وانعدام الكفاءة.
ففي الوقت الذي كان يُنتظر من هذه الأحزاب أن تخرج من جلباب التبعية، وأن تبني لنفسها قاعدة جماهيرية وتخوض معركة التمثيل الحزبي بشرف ومسؤولية، فوجئ الرأي العام بأحزابٍ تعجز حتى عن ترشيح عدد كافي من أعضائها، لتلجأ ،بكل بساطة واستخفاف،إلى استقدام مرشحين من خارج الحزب وكأنّ الحزب لم يكن سوى يافطة بلا مضمون، واجهة بلا روح.
فأين كانت هذه الأحزاب طوال السنوات الخمس الماضية؟ ألم يكن لديها الوقت الكافي لصناعة قيادات شبابية، وتأهيلها سياسيًا، وإعدادها لخوض الاستحقاقات الوطنية؟ أم أن العمل الحزبي أصبح حكرًا على دائرة ضيقة من المنتفعين والباحثين عن مقاعد السلطة لا عن آليات التغيير.
الحقيقة المرة أن ما حدث لا يمكن وصفه إلا بالمهزلة السياسية، ولا يندرج إلا تحت بند الفشل الاستراتيجي الكامل. فالأحزاب التي لا تملك قاعدة تنظيمية نشطة، ولا رؤية سياسية واضحة، ولا كوادر جاهزة، هي ببساطة أحزاب كرتونية، عاجزة، وأشبه بجمعيات أهلية تائهة في زحام المصالح.
السؤال الأكثر إحراجًا الآن إذا كانت هذه الأحزاب لا تستطيع حتى إدارة شؤونها الداخلية وترشيح أعضائها، فكيف لها أن تدير شؤون وطن أو تمثل صوت المواطن؟ وأي ديمقراطية نرجوها إذا كان التمثيل السياسي يبنى على صفقات اللحظة الأخيرة لا على معايير الكفاءة والولاء الوطني الحقيقي.
إنّ ما كشفته القائمة الوطنية ليس مجرد خلل إداري أو تنظيمي، بل فضيحة سياسية صريحة تستوجب المراجعة، بل المحاسبة. فالتمثيل النيابي لا يجب أن يكون بابًا للترضيات ولا ساحة للتجريب، بل هو تكليف وطني يتطلب رجالًا ونساءً من الميدان، لا من كواليس الصفقات.
وفي النهاية، لا بد من وقفة حقيقية، فمتى تتحول الأحزاب من كيانات موسمية إلى مؤسسات حقيقية لها مشروع وطني؟ ومتى نرى قائمة وطنية تعكس واقع المجتمع، لا تحالفات المصالح؟ وهل سنشهد يومًا ديمقراطية تمثيلية حقيقية يمثل فيها الكفء لا المقرّب، وصاحب المشروع لا صاحب المحفظة.
إلى أن يحدث ذلك، سيظل المواطن في انتظار قائمة حقيقية تمثله لا لمن يعتلون المنصات باسمه.