كتبت: أمل محمد أمين
أكدت الدكتورة حنان بلخي المدير الأقليمي لمكتب منظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط خلال الإحاطة الإعلامية التي عقدتها اليوم أن وقف إطلاق النار في غزة يمثل أولوية قصوى لاستعادة المرافق والخدمات الصحية “نجد أنفسنا في لحظة من الأمل المشوب بالحذر فلا يزال وقف إطلاق النار مستمرًا في غزة، وجرى تمديده في لبنان. وشهدت سوريا مؤخرًا تحولًا سريعًا.
و عبرت عن أملها أن يدوم وقف إطلاق النار، وأن يكون فرصةً لتمهيد الطريق نحو وقف دائم للأعمال العدائية و وأضافت تحضرني هنا مقولة صبي صغير اسمه أشرف من غزة، حيث قال: “نأمل أن يكون وقف إطلاق النار حقيقيًا… لا تخذلونا مثلما يحدث كل مرة”.
وربما شاهد العديد منكم الصور المؤلمة للعائلات التي عادت إلى شمال غزة لتجد ديارها وقد تحولت إلى أنقاض؛ فقد عاد مئات الآلاف من الناس إلى أحياء مدمرة بلا مرافق صحية تقريبًا وخلال هذه الأسابيع من وقف إطلاق النار، وتتمثل أولويتنا القصوى في استعادة الخدمات الصحية الأساسية وتشغيل المستشفيات والمرافق الصحية بأسرع ما يمكن.
ولا يمكن وصف حجم الصدمات النفسية التي يعاني منها شعب غزة. فجميع الناس في غزة يعيشون في حزن. لقد تحملوا عنفًا لا يمكن تصوره، وقضوا شهورًا دون ما يكفيهم من الغذاء والماء، وباتوا ليالي عديدةً على أصوات الطائرات المسيرة التي تقصفهم بلا هوادة. وتسببت هذه المعاناة في صدمة جماعية عميقة لا يمكن استيعاب آثارها. ولذلك، يمثل دعم الصحة النفسية جانبًا رئيسيًا من جوانب استجابتنا، حيث نسعى جاهدين إلى مساعدة الأفراد والأسر على تجاوز الأزمات التي مروا بها.
ويجب ألا يكون وقف إطلاق النار في منطقة ما على حساب تصعيد الأعمال الوحشية والعنف في منطقة أخرى. فنحن نرصد الوضع عن كثب في الضفة الغربية، التي عانت بالفعل من هجمات متواصلة على الرعاية الصحية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وهناك حاجة ماسة إلى إحلال السلام وإصلاح المرافق الصحية في جميع الأراضي الفلسطينية.
ولا يمكننا الحديث عن الجهود الإنسانية في غزة دون الاعتراف بالأهمية الحاسمة لدور الأونروا فهذه الوكالة التابعة الأمم المتحدة فرض عليها إخلاء مقرها في القدس الشرقية بحلول الغد. وأود أن أغتنم هذه الفرصة للتأكيد على أن الأونروا لا بديل لها، وأنه لا يوجد كيان آخر لديه القدرة على تقديم المعونة في غزة بالمستوى نفسه. إن غزة لا تستطيع أن تستغني عن الأونروا، لا سيما في هذا التوقيت الذي تشتد فيه الحاجة إلى الجهود الإنسانية.
وأضافت “قبل بضعة أيام، أتممت زيارتي إلى سوريا ورأيت في السوريين إصرارًا ملهمًا على تحقيق مستقبل أفضل على الرغم من أنهم شهدوا عقودًا من النزاعات والعقوبات التي تسببت لهم في معاناة لا توصف. وأولوياتنا بالنسبة لسوريا واضحة: فنحن نعمل على ضمان توفير الخدمات الصحية الطارئة الحرجة في أسرع وقت ممكن، وندعم السلطات الصحية في جهودها للتعافي، ونعمل على إعادة بناء نظام صحي أقوى وأكثر قدرةً على الصمود. ونحن ملتزمون بالحفاظ على التقدم المحرز وضمان وجود نظم قادرة على تحمل الصدمات في المستقبل..
وفي السودان، لا تزال تحديات الوضع الإنساني المعقد قائمةً. ونحن نعمل بنشاط على احتواء فاشيات الأمراض، حتى في أصعب الأوقات. ومنذ الإعلان عن فاشية الكوليرا الأخيرة، قدمنا الدعم لحملات التطعيم الفموي ضد الكوليرا في ثماني ولايات، واستفاد منها 7.4 مليون شخص. وأنشأنا وحدات لعلاج الكوليرا، وأنشأنا نقاطًا لتعويض السوائل عن طريق الفم، ونعمل بنشاط على ترصد هذا المرض لمنع تفاقم الفاشية.
ولا تقتصر أهمية هذه التدخلات الحاسمة على شعب السودان فحسب، بل أيضًا لحماية الصحة العامة في جميع أنحاء الإقليم وخارجه. فما يحدث في إقليمنا له عواقب بعيدة المدى على الأمن الصحي العالمي. ولا يزال تعزيز قدرة النظم الصحية على الصمود في إقليم شرق المتوسط يمثل أولويةً قصوى لنا، نظرًا لأهميته البالغة لضمان الاستقرار ومنع انتشار الأزمات الصحية خارج الحدود”
وفي إطار استجابتنا للطوارئ الإنسانية والصحية في جميع أنحاء الإقليم، نستثمر أيضًا في قدرات القوى العاملة الصحية وتدريبها، وفقًا لأهداف مبادرتي الرائدة الثانية. وفي الأسبوع المقبل، سنطلق مركزًا تعاونيًا جديدًا في قطر لعلاج المصابين بالرضوح، وسيتولى المركز تقديم التدريبات العملية للطواقم الجراحية التي تشمل الجراحين وأخصائيي التخدير وكادر التمريض، وذلك من أجل تلبية احتياجات مرضى الرضوح الشديدة في حالات النزاع. ونهدف من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز اتباع أحدث الممارسات في مجال جراحات مصابي الحروب في جميع أنحاء الإقليم.
وأضافت بلخي “من الضروري أن أسلط الضوء على ندائنا الخاص بتقديم المساعدات الصحية في إقليمنا، حيث يحتاج إقليمنا إلى 856 مليون دولار أمريكي للتصدي للأزمات الصحية العاجلة في جميع أنحاء غزة وسوريا والسودان، فضلًا عن بلدان أخرى. وقد أدى نقص التمويل في عام 2024 إلى تخفيضات كبيرة في العمليات الصحية المنقذة للأرواح. ومن ثم، نحن نعتمد عليكم في نشر رسالتنا ومساعدتنا في إنقاذ الأرواح، واستعادة النظم الصحية، وبث الأمل في نفوس الملايين.