كتب: احمد بدوي
تعتبر محافظة قنا واحدة من المحافظات التي تتمتع بتاريخ عريق، والضارب في جذور العائلات الأصيلة، التي تعود إلى شبه الجزيرة العربية.
تتميز قنا بنسيج اجتماعي مترابط يرتبط بالعادات والتقاليد الأصيلة التي شكلت هوية أهلها على مر العصور، وفي إطار احتفالات المحافظة بعيدها القومي الموافق يوم 3 مارس من كل عام، والذي يعد يومًا فارقًا في تاريخ المحافظة، حيث يخلد هذا اليوم ذكرى معركة البارود التي وقعت في عام 1799، والتي سطر فيها أبناء قنا أروع ملاحم التضحية والشجاعة ضد الاحتلال الفرنسي.
تجسد موقعة البارود نموذجا فريدًا للبطولة والفداء، حيث تمكن أهالي قرية البارود من تحقيق انتصار حاسم على الأسطول الفرنسي المحتل ، في وقت كانت فيه القوى الاستعمارية تسعى للسيطرة على مصر. كانت تلك المعركة نقطة تحول في تاريخ مقاومة الاحتلال الفرنسي، وخلدها التاريخ كنموذج فريد للمقاومة الشعبية. ومنذ ذلك الحين، أصبح 3 مارس عيدًا قوميًا لمحافظة قنا، يحتفل فيه بتخليد ذكرى هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطنهم، مما جعل أبناء قنا يفخرون بتاريخهم البطولي ضد كل استعمار واحتلال .
شهدت محافظة قنا مراحل تطويرية عديدة، لعل أبرزها تلك الحقبة الزمنية التي شهدتها في عهد اللواء عادل لبيب، محافظ قنا الأسبق. خلال فترة توليه المسؤولية، تم تنفيذ العديد من المشروعات التنموية التي شملت تحسين البنية التحتية وتجميل الشوارع. كما شهدت المحافظة إنشاء عدد من المنشآت الخدمية التي خدمت المواطنين وأسهمت في رفع مستوى الحياة في المحافظة، ما جعلها تعدّ من أفضل المدن في تلك الفترة عالميا .
وفي ظل الجمهورية الجديدة ، ورؤية مصر للتنمية المستدامة، شهدت قنا فترة جديدة من التطوير ضمن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” التي أطلقتها الدولة لتحسين مستوى المعيشة في القرى الأكثر احتياجًا. هذه المبادرة أثرت بشكل إيجابي على النمط العمراني في المحافظة، حيث تم تنفيذ مشروعات جديدة للبنية التحتية في القرى، من بينها شبكات المياه والكهرباء، فضلاً عن تحسين خدمات الصحة والتعليم، ما جعل قنا واحدة من أفضل المحافظات في جنوب الصعيد.
تعتبر محافظة قنا الآن نموذجًا ناجحا للتنمية المستدامة في جنوب صعيد مصر، حيث يعكس التطوير المستمر في المحافظة رؤية القيادة السياسية في تحقيق نهضة شاملة لجميع المحافظات. يعكس الاحتفال بعيدها القومي في 3 مارس الفخر والتقدير لأبناء قنا الذين استطاعوا الحفاظ على تاريخهم العريق، ومواصلة مسيرة التطوير التي ساهمت في تحسين جودة الحياة لملايين المواطنين.
إن محافظة قنا اليوم تتجه نحو المستقبل بثقة كبيرة، حيث تشهد المدينة والقرى المحيطة بها تطورًا كبيرًا على جميع الأصعدة. ومع استمرار العمل في مشروعات التنمية، ستظل قنا في صدارة المحافظات التي حققت تقدمًا ملحوظًا في مجال تطوير البنية التحتية والخدمات العامة.
يظل 3 مارس يومًا خالدًا في ذاكرة أبناء محافظة قنا، حيث يتم تخليد ذكرى الأبطال الذين ضحوا من أجل الوطن، ويتزامن مع الاحتفال بالتطور المستمر الذي تشهده المحافظة على مختلف الأصعدة. تعد قنا اليوم نموذجًا للمحافظة التي تجمع بين التاريخ العريق والواقع التنموي المزدهر، مما يجعلها بحق محافظة تفتخر بماضيها وتبني حاضرها ومستقبلها بجهود أبنائها المخلصين في مختلف المجالات.