كتبت: دعاء سيد
تعد ليلة النصف من شعبان من الليالي المباركة التيّ تحظى بمكانة خاصة في قلوبنا، فهي ليلة عظيمة تتجلى فيها رحمة اللِّه -عز وجل- ومغفرته لعباده، وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التيّ تدل على فضلها، كما أن بعض العلماء أشاروا إلى ارتباطها ببعض الآيات القرآنية التيّ تتحدث عن مغفرة اللِّه -تعالى- ورحمته الواسعة.
جاء في الحديث الشريف أنّ النبيَّ (ﷺ) قال:
“يطلع اللُّه إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” (رواه ابن ماجه وصححه الألباني)، وهذا يدل على عظمة هذه الليلة وفضلها، حيث يمنح اللُّه -سبحانه وتعالى- فيها عباده المغفرة إلا لمن وقع في الشرك أو كان في قلبه بغضاء تجاه إخوانه المسلمين.
على الرغم من أنّه لم ترد آية صريحة تتحدث عن ليلة النصف من شعبان، فإنّ القرآن الكريم مليء بالآيات التيّ تتحدث عن مغفرة اللِّه -عز وجل- ورحمته، ومنها قوله -تعالى-:﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر: 53)، وهذه الآية تبين سعة رحمة اللّٰه ومغفرته، وهو ما يتجلى في ليلة النصف من شعبان حيث يمنح اللُّه -تعالى- عباده فرصة عظيمة للتوبة والرجوع إليه.
من المستحب أن يُكثر المسلم من الدعاء والاستغفار في هذه الليلة، اقتداءً بالنبيِّ (ﷺ)، الذي كان يحرص على اغتنام الأوقات الفاضلة في العبادة، فقد كان من دعاء النبيِّ (ﷺ): “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني” (رواه الترمذي)، كما أن صلاة الليل وقراءة القرآن والذكر، من العبادات التيّ تقرب العبد من ربه وتجعله ينال بركة هذه الليلة.
لقد وردت أحاديث صحيحة في فضل هذه الليلة، ولكن لم يثبت عن النبيِّ (ﷺ) تخصيصها بعبادة معينة كصلاة خاصة أو صيام محدد؛ بل كان من هديه (ﷺ) الإكثار من الطاعات في شعبان كله؛ لذا فإحياء هذه الليلة يكون بالعبادات المشروعة من صلاةٍ وذكر ودعاء دون ابتداع أعمال غير واردة في السنة.
ليلة النصف من شعبان فرصة عظيمة للمؤمنين لنيل المغفرة والرحمة، وهي دعوة لكلِّ مسلم لتصفية قلبه من الضغائن والتوبة الصادقة إلى اللِّه -عز وجل-، فليكن هذا اليوم محطة إيمانية نستعد بها لاستقبال رمضان بنفسٍ صافية وهمة عالية في طاعة اللِّه -سبحانه وتعالى-.