بقلم: دعاء سيد
يظهر كثيرًا الحديث عن الدينِ والتدين في الوقتِ المعاصر، وقد يلتبس الأمر على البعضِ في التفريقِ بينهما، على الرغمِ من ارتباطهما الوثيق، إلا أنّ هناك فروقات جوهرية بين الدينِ كتعاليم إلهية والتدين كممارسة بشرية.
الدين هو مجموعة من العقائدِ والمبادئ التيّ نزلت من اللِّه-عز وجل- عبر الأنبياء لهدايةِ البشرية، ويتضمن الدين العبادات والمعاملات والأخلاق، والتشريعات التيّ تهدف إلى تنظيمِ حياة الإنسان وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، الدين ثابت لا يتغير ويعبر عن الحقائقِ الإلهية المطلقة التيّ توجه الإنسان نحو الخير والحق.
يتكون الدين من العقيدة التيّ تتضمن الإيمان باللِّه والملائكة والكتب السماوية والرسل، واليوم الآخر والقدر خيره وشره، والعبادات التيّ تشمل الصلاة والصوم والزكاة والحج، وغيرها من العبادات التيّ تقتضي التقرب إلى اللِّه-سبحانه وتعالى-، الأخلاق وهى القيم والمبادئ التيّ تُنظم سلوك الإنسان وتوجهه نحو التعامل الحسن مع الآخرين، وأخيرًا التشريعات وهي القوانين والأحكام التيّ تُنظم علاقات الإنسان بالآخرين وبالمجتمع.
أما التدين هو كيفية تطبيق الأفراد لتعاليم الدين في حياتهم اليومية، ويمكن أنّ يختلف التدين من شخصٍ لآخر بناءً على مدى فهمه ووعيه بتعاليم دينه، وكذلك على ظروفهِ الاجتماعية والثقافية، وهناك مستويات للتدين منها، التدين الفردي وهو مدى التزام الشخص بتعاليمِ الدين في عباداتهِ وسلوكياتهِ الشخصية، والتدين الاجتماعي وهو كيفية تجسيد تعاليم الدين في العلاقاتِ الاجتماعية وفي المؤسساتِ المجتمعية، والتدين الظاهري وهو التركيز على المظاهرِ الخارجية للدين دون التعمق في جوهرهِ، أما التدين الباطني فهو التركيز على العلاقةِ الروحية بين الإنسانِ وربه، والسعي لتحقيقِ الإخلاص في العباداتِ.
الفرق بين الدين والتدين حيث أنّ الدين ثابت لا يتغير، فهو من عند اللَّه، أما التدين متغير وقابل للتطورِ بناءً على الظروفِ والأزمان، الدين شامل لكافةِ جوانب الحياة، أما التدين قد يقتصر على جوانبِ معينة من حياةِ الشخص أو المجتمع، الدين مصدره وحي اللَّه -تعالى-، أما التدين ناتج عن التفاعلِ البشري مع تعاليمِ الدين، الدين يُشكل أساسًا أخلاقيًا قويًا يمكن أنّ يوجه المجتمع نحو العدالة والسلام، أما التدين يُمكن أنّ يكون له آثار متنوعة بناءً على كيفيةِ فهم الأفراد لتعاليم دينهم، التدين الصادق والعميق يؤدي إلى مجتمعٍ أكثر ترابطًا وأخلاقية، بينما التدين السطحي أو المتشدد قد يؤدي إلى النزاعاتِ والتفرقة.
الدين والتدين مفهومان مترابطان ولكن مختلفان، وفهم الفرق بينهما يساعد على تطبيقِ تعاليم الدين بشكلٍ صحيح ومؤثر في الحياةِ اليومية، الدين كمنظومة إلهية ثابتة يقدم الإرشادات اللازمة لتحقيقِ الخير والعدل، بينما التدين يعكس كيفية تطبيق هذه الإرشادات في حياةِ الأفراد والمجتمع، التوازن بين الدينِ والتدين يُمكن أنّ يُساهم في بناءِ مجتمع قائم على القيمِ والأخلاق الفاضلة.